عثمان بن عفان
صفحة 1 من اصل 1
عثمان بن عفان
نسبه
أبوه:عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. من بطن بني أمية ومن ساداتها وكان كريما جوادا وكان من كبار الأثرياء، وهو ابن عم الصحابي الجليل أبي سفيان بن حرب الذي حارب الرسول وأذاه قبل أن يسلم عند فتح مكة. يلتقي نسبه مع رسول الله في الجد الرابع من جهة أبيه.يجتمع نسبه مع الرسول صلى الله عليه وسلم في عبدمناف.
أمه الصحابية الجليلة : أروى بنت كريز بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وأروى هي ابنة عمة النبي صلى الله عليه وسلم، فأمها هي البيضاء بنت عبد المطلب عمة الرسول[1].
ولد بمكة وفي رواية انه ولد بطائف، كان غنيا شريفا في الجاهلية. وكان أنسب قريش لقريش. أنجبت أروى مرتين من عفان: عثمان وأخته أمنة. بعد وفاة عفان, تزوجت أروى من عقبة بن ابي معيط, وأنجبت منه ثلاثة أبناء وبنت:
الوليد بن عقبة.
خالد بن عقبة.
عمرو بن عقبة.
أم كلثوم بنت عقبة.
إسلامه
أسلم عثمان بن عفان في أول الإسلام قبل دخول محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وكان عمره قد تجاوز الثلاثين. دعاه أبو بكر الصديق إلى الإسلام قائلاً له: ويحك يا عثمان واللَّه إنك لرجل حازم ما يخفى عليك الحق من الباطل، هذه الأوثان التي يعبدها قومك، أليست حجارة صماء لا تسمع ولا تبصر ولا تضر ولا تنفع؟ فقال: بلى واللَّه إنها كذلك. قال أبو بكر: هذا محمد بن عبد الله قد بعثه اللَّه برسالته إلى جميع خلقه، فهل لك أن تأتيه وتسمع منه؟ فقال: نعم. وفي الحال مرَّ رسول اللَّه فقال: يا عثمان أجب اللَّه إلى جنته فإني رسول اللَّه إليك وإلى جميع خلقه. قال : فواللَّه ما ملكت حين سمعت قوله أن أسلمت، وشهدت أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأن محمداً عبد الله ورسوله [2].
كان عثمان أول مهاجر إلى أرض الحبشة لحفظ الإسلام ثم تبعه سائر المهاجرين إلى أرض الحبشة، ثم هاجر الهجرة الثانية إلى المدينة المنورة، تزوج عثمان رقية بنت رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وهاجرت معه إلى الحبشة وإلى المدينة وكان يقال: "أحسن زوجين رآهما إنسان رقية وعثمان". ثم إنها مرضت وماتت سنة 2 هـ أثناء غزوة بدر فحزن عليها حزناً شديداً فزوّجه الرسول من أختها أم كلثوم لذلك لقّب بـ "ذي النورين" لأنه تزوج من بنتى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم. وكان رسول اللَّه يثق به ويحبه ويكرمه لحيائه وأخلاقه وحسن عشرته وما كان يبذله من المال لنصرة المسلمين، وبشّره بالجنة كأبي بكر وعمر وعلي وبقية العشرة، وأخبره بأنه سيموت شهيداً. استخلفه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على المدينة في غزوته إلى ذات الرقاع وإلى غطفان، وكان محبوباً من قريش، وكان حليمًا، رقيق العواطف، كثير الإحسان. وكانت العلاقة بينه وبين أبي بكر وعمر وعليّ على أحسن ما يرام، ولم يكن من الخطباء، وكان أعلم الصحابة بالمناسك، حافظاً للقرآن، ولم يكن متقشفاً مثل عمر بن الخطاب بل كان يأكل اللين من الطعام.
زوجات عثمان
ذرية عثمان بن عفان وزوجاته
قبل إسلامه
أم عمرو بنت جندب الدوسية، أنجبت منه: عمرو وخالد وأبان وعمر ومريم.
فاطمة بنت الوليد، أنجبت منه: وليد وسعيد وأم سعيد. عمرو كان أكبر أبناء عثمان وفي فترة ما قبل الإسلام كان يعرف عثمان بأبي عمرو.
بعد إسلامه
رقية بنت محمد ابنة الرسول, وقد أنجبت عبد الله بن عثمان, ولكنه توفي مبكراً, وكان يسمى بأبي عبد الله بعد إسلامه.
أم كلثوم بنت محمد ثاني بنات الرسول, ولم تنجب لعثمان, تزوجها بعد وفاة رقية.
فاختة بنت غزوان، تزوجها بعد وفاة أم كلثوم، أنجبت له عبد الله بن عثمان الصغير, وقد توفي صغير السن [3].
أم البنين بنت عيينة بن حصن، تزوجها بعد وفاة أم كلثوم، أنجبت له عبد الملك بن عثمان، وقد مات صغيرا.
رملة بنت شيبة، أنجبت له عائشة وأم أبان وأم عمرو بنت عثمان.
نائلة بنت الفرافصة، أنجبت له: أم خالد، أم أبان الصغرى وأروى. وولدت له ابنته مريم كما قال ابن الجوزي وابن سعد، وقال آخرون مريم ليست ابنتها. قال ابن الجوزي: ومريم أمها نائلة بنت الفرافصة [3].
عثمان بن عفان في العهد النبوي
من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم في عثمان
روي في صحيح البخاري1 :
عثمان بن عفان أبي موسى الأشعري رضي الله عنه كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في حائط من حيطان المدينة فجاء رجل فاستفتح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إفتح له وبشره بالجنة ففتحت له فإذا هو أبو بكر، فبشرته بما قال رسول الله، فحمد الله. ثم جاء رجل فاستفتح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إفتح له وبشره بالجنة ففتحت له فإذا هو عمر، فأخبرته بما قال رسول الله، فحمد الله. ثم جاء رجل فاستفتح، فقال لي: إفتح له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه، فإذا عثمان. فأخبرته بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمد الله ثم قال: الله المستعان
عثمان بن عفان
روي في صحيح البخاري2 :
عثمان بن عفان عن أنس رضي الله عنه قال: صعد النبي صلى الله عليه وسلم أحدا ومعه أبو بكر وعمر وعثمان، فرجف، فقال: اسكن أحد ـ أظنه ضربه برجله ـ فليس عليك إلا نبي وصديق وشهيدان
عثمان بن عفان
روي في صحيح مسلم3 :
عثمان بن عفان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء، وأبو بكر، وعمر وعثمان، وعلي وطلحة، والزبير، فتحركت الصخرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إهدأ فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد
عثمان بن عفان
روي في فضائل الصحابة4 :
عثمان بن عفان عن أنس ابن مالك قال: أرحم أمتي أبو بكر وأشدها في دين الله عمر، وأصدقها حياء عثمان، وأعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأقرؤها لكتاب الله أُبَيْ وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح
عثمان وجيش العسرة
يقال لغزوة تبوك غزوة العُسرة، مأخوذة من قول الله في القرآن: ِ لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَة
ندب رسول اللَّه الناس إلى الخروج وأعلمهم المكان الذي يريد ليتأهبوا لذلك، وبعث إلى مكة وإلى قبائل العرب يستنفرهم وأمر الناس بالصدقة، وحثهم على النفقة والحملان، فجاءوا بصدقات كثيرة فجهَّز عثمان ثلث الجيش جهزهم بتسعمائة وخمسين بعيرًا وبخمسين فرسًا. قال ابن إسحاق: أنفق عثمان في ذلك الجيش نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها. وقيل: جاء عثمان بألف دينار في كمه حين جهز جيش العُسرة فنثرها في حجر رسول الله.
عثمان بن عفان في عهدي أبو بكر وعمر
كان شأنه شأن كثير من الصحابة المبشرين بالجنة، حيث رفض الخليفان ان يكون لهم دور مع الجيوش لحاجتهما مشورة كبار الصحابة في المدينة ومنهم عثمان بن عفان.
كان له دور في اختيار عمر بن الخطاب خليفة لابى بكر الصديق عندما استشاره أبا بكر الصديق في امر تولية عمر فقال عثمان : ذلك رجل سره أفضل من علانيته، كتب وصية ابى بكر في ذلك بنفسه.
توليه الخلافة
ولي عثمان الخلافة وعمره 68 عامًا ،وقد تولى الخلافة بعد مقتل عمر بن الخطاب، وفي اختياره للخلافة قصة تعرف بقصة الشورى وهي أنه لما طعن عمر بن الخطاب دعا ستة أشخاص من الصحابة وهم: علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله ليختاروا من بينهم خليفة. وذهب المدعوون إلى لقاء عمر إلا طلحة بن عبيد الله فقد كان في سفر وأوصاهم باختيار خليفة من بينهم في مدة أقصاها ثلاثة أيام من وفاته حرصاً على وحدة المسلميـن.. ولأسباب مختلفة صعد إلى سدة الترشيح النهائي اثنان: الأول علي بن أبي طالب صاحب القرابة والسبق، والثاني عثمان صاحب المكانة الطيبة بين المهاجرين وبين قريش... كان علي بن أبي طالب يشبه عمر بن الخطاب في بعض الصفات كالتقشف والزهد والصرامة في الحق، وكان الناس في تلك اللحظة يريدون قليلاً من التمتع بجني السنوات الصعبة، فتم التشاور واختيار عثمان5، وبايعـه المسلمون في المسجد بيعة عامة سنة 23 هـ فأصبح ثالث الخلفاء الراشدين..[بحاجة لمصدر]
مشكلتان في عهد عثمان
أولاً: أن مجلس الشورى الذي أوصى به عمر لم يتحول إلى مؤسسة الشورى، لقد أدى مهمة واحدة وانتهى الأمر، وكان الأفضل والأفقه أن يظل الخمسة (بقية الستة) يمارسون دوراً استشارياً لمساعدة عثمان في تولية الأمور، خاصة مع كبر عمر عثمان وكثر حجم الدولة.
ثانياً: بعض الصفات الإيجابية الموجودة في عثمان، كالجود والكرم ودماثة الخلق والحياء الشديد، تصلح لمؤمن مثالي يستحق الجنة، أما الخلافة فتحتاج إلى صفات أخرى (قيادية حتماً).. إن القرابة الأموية استغلت هذه الصفات لمصلحتها ومكانتها، مقابل أجيال من الصحابة وغيرهم وجدوا أنفسهم بلا دور، مع الحاجة الماسة لأدوارهم في الدولة الشاسعة، مما أدى إلى نشوء شيء من المعارضة الرمزية تطور فيما بعد وتفاقم، بدل مؤسسة الشورى التي كان من المفروض تأسيسها6.
يؤخذ على الخليفة عثمان انه ولى الكثير من اقاربه على الأمصار وتجاهل الصحابة الأحق. وهذا كان السبب الأهم في مقتل عثمان. ومن الولاة الذين ولاهم عثمان وهم من أقاربه:
ولاة عثمان بن عفان من أقاربه
معاوية بن أبي سفيان
عبد الله بن عامر بن كريز
الوليد بن عقبة
سعيد بن العاص
عبد الله بن سعد بن أبي السرح
مروان بن الحكم
الفتوحات في عهد عثمان
من أهم أعمال عثمان فتح مرو وتركيا وتوسيع الدولة الإسلامية وفتحت في أيام خلافة عثمان الإسكندرية ثم أرمينية والقوقاز وخراسان وكرمان وسجستان وإفريقية وقبرص. وتمت في عهده توسعة المسجد النبوي عام 29ــ30 هـ، وقد أنشأ أول أسطول بحري إسلامي لحماية الشواطيء الإسلامية من هجمات البيزنطيين. وكان من أهم إنجازاته جمع كتابة القرآن الكريم الذي كان قد بدء بجمعه في عهد الخليفة أبي بكر الصديق. وجمع القرآن الكريم في مصحف مكتوب برسمه إلى الوقت الحالي.
[عدل] جمعه للقرأن الكريم في مصحف واحد
في عهده أنتشر الإسلام في بلاد كبيرة وتفرق الصحابة مما أدى إلى ظهور قرائات متعددة وأنتشرت لهجات مختلفة فكان الخوف من أختلاف كتابة القران، وتغير لهجته جمع عثمان المسلمين على لغة قريش أي لهجة قريش وهي لهجة العرب. وتكتب الكتابة للقرآن بلسان العرب ويسمى (مصحف عثمان) أو المصحف الامام.
وفاته
قتل عثمان بن عفان في السنة 35 للهجرة وبشكل شنيع. وكان سنه عند قتله اثنان وثمانون عاماً. ودفن باالبقيع.
كان مقتله على يد مجموعة من الساخطين على حكمه، والذين تم اعتبارهم لاحقًا مارقين وخارجين على إجماع أهل الحل والعقد، وكان مقتله مقدمة لأحداث جسام في تاريخ المسلمين مثل موقعة الجمل (36 هـ) وموقعة صفين.
أقوال الرسول محمد في مقتل عثمان
عن ابن عمر قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة، فمر رجل، فقال: يقتل فيها هذا المقنع يومئذ مظلوما، قال: فنظرت، فإذا هو عثمان بن عفان 7.
عن كعب بن عجرة، قال: ذكر فتنة، فقربها فمر رجل مقنع رأسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا يومئذ على الهدى، فوثبت فأخذت بضبعي عثمان، ثم استقبلت رسول الله فقلت: هذا؟ قال: هذا8.
عن مرة البهزي قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال -بهز من رواة الحديث- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 'تهيج فتنة كالصياصي، فهذا ومن معه على الحق'. قال: فذهبت فأخذت بمجامع ثوبه، فإذا هو عثمان بن عفان 9.
عن أبي الأشعث قال: قامت خطبة بإيلياء في إمارة معاوية فتكلموا، وكان آخر من تكلم مرة بن كعب فقال: لولا حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قمت، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر فتنة فقربها فمر رجل مقنع فقال: هذا يومئذ وأصحابه على الحق والهدى، فقلت هذا يا رسول الله ؟ وأقبلت بوجهه إليه فقال: هذا، فإذا هو عثمان 10.
المصادر
^ [المسعودي، مروج الذهب ج 2/ص 340، الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج 2/ص 692، ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 3/ص 74، تاريخ الإسلام ج 1/ص 252]
^ البداية والنهاية، تأليف: ابن كثير، ج7.
^ أ ب صفوة الصفوة، تأليف: ابن الجوزي، 295/1.
4 حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة للسيوطي ص195 باب أمراء مصر 5 ولاة مصر لأبو عمرو الكندي ص6 6 الكامل في التاريخ لابن الأثير أحداث عام ثمان وثلاثين
الهوامش
1: صحيح البخاري رقم 3695.
2: صحيح البخاري رقم 3697.
3: صحيح مسلم رقم 2417.
4: فضائل الصحابة لأبي عبد الله أحمد بن حنبل (1/604) إسناده صحيح.
5: البوصلة القرآنية، د.أحمد خيري العمري ص344
6: البوصلة القرآنية، د.أحمد خيري العمري ص344
7: فضائل الصحابة لأبي عبد الله أحمد بن حنبل (1/551) إسناده حسن.
8: صحيح سنن ابن ماجة (1/24).
9: المسند (5/33) له طرق تقويه.
10: فضائل الصحابة لأبي عبد الله أحمد بن حنبل (1/550) إسناده حسن.
أبوه:عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. من بطن بني أمية ومن ساداتها وكان كريما جوادا وكان من كبار الأثرياء، وهو ابن عم الصحابي الجليل أبي سفيان بن حرب الذي حارب الرسول وأذاه قبل أن يسلم عند فتح مكة. يلتقي نسبه مع رسول الله في الجد الرابع من جهة أبيه.يجتمع نسبه مع الرسول صلى الله عليه وسلم في عبدمناف.
أمه الصحابية الجليلة : أروى بنت كريز بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وأروى هي ابنة عمة النبي صلى الله عليه وسلم، فأمها هي البيضاء بنت عبد المطلب عمة الرسول[1].
ولد بمكة وفي رواية انه ولد بطائف، كان غنيا شريفا في الجاهلية. وكان أنسب قريش لقريش. أنجبت أروى مرتين من عفان: عثمان وأخته أمنة. بعد وفاة عفان, تزوجت أروى من عقبة بن ابي معيط, وأنجبت منه ثلاثة أبناء وبنت:
الوليد بن عقبة.
خالد بن عقبة.
عمرو بن عقبة.
أم كلثوم بنت عقبة.
إسلامه
أسلم عثمان بن عفان في أول الإسلام قبل دخول محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وكان عمره قد تجاوز الثلاثين. دعاه أبو بكر الصديق إلى الإسلام قائلاً له: ويحك يا عثمان واللَّه إنك لرجل حازم ما يخفى عليك الحق من الباطل، هذه الأوثان التي يعبدها قومك، أليست حجارة صماء لا تسمع ولا تبصر ولا تضر ولا تنفع؟ فقال: بلى واللَّه إنها كذلك. قال أبو بكر: هذا محمد بن عبد الله قد بعثه اللَّه برسالته إلى جميع خلقه، فهل لك أن تأتيه وتسمع منه؟ فقال: نعم. وفي الحال مرَّ رسول اللَّه فقال: يا عثمان أجب اللَّه إلى جنته فإني رسول اللَّه إليك وإلى جميع خلقه. قال : فواللَّه ما ملكت حين سمعت قوله أن أسلمت، وشهدت أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأن محمداً عبد الله ورسوله [2].
كان عثمان أول مهاجر إلى أرض الحبشة لحفظ الإسلام ثم تبعه سائر المهاجرين إلى أرض الحبشة، ثم هاجر الهجرة الثانية إلى المدينة المنورة، تزوج عثمان رقية بنت رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وهاجرت معه إلى الحبشة وإلى المدينة وكان يقال: "أحسن زوجين رآهما إنسان رقية وعثمان". ثم إنها مرضت وماتت سنة 2 هـ أثناء غزوة بدر فحزن عليها حزناً شديداً فزوّجه الرسول من أختها أم كلثوم لذلك لقّب بـ "ذي النورين" لأنه تزوج من بنتى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم. وكان رسول اللَّه يثق به ويحبه ويكرمه لحيائه وأخلاقه وحسن عشرته وما كان يبذله من المال لنصرة المسلمين، وبشّره بالجنة كأبي بكر وعمر وعلي وبقية العشرة، وأخبره بأنه سيموت شهيداً. استخلفه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على المدينة في غزوته إلى ذات الرقاع وإلى غطفان، وكان محبوباً من قريش، وكان حليمًا، رقيق العواطف، كثير الإحسان. وكانت العلاقة بينه وبين أبي بكر وعمر وعليّ على أحسن ما يرام، ولم يكن من الخطباء، وكان أعلم الصحابة بالمناسك، حافظاً للقرآن، ولم يكن متقشفاً مثل عمر بن الخطاب بل كان يأكل اللين من الطعام.
زوجات عثمان
ذرية عثمان بن عفان وزوجاته
قبل إسلامه
أم عمرو بنت جندب الدوسية، أنجبت منه: عمرو وخالد وأبان وعمر ومريم.
فاطمة بنت الوليد، أنجبت منه: وليد وسعيد وأم سعيد. عمرو كان أكبر أبناء عثمان وفي فترة ما قبل الإسلام كان يعرف عثمان بأبي عمرو.
بعد إسلامه
رقية بنت محمد ابنة الرسول, وقد أنجبت عبد الله بن عثمان, ولكنه توفي مبكراً, وكان يسمى بأبي عبد الله بعد إسلامه.
أم كلثوم بنت محمد ثاني بنات الرسول, ولم تنجب لعثمان, تزوجها بعد وفاة رقية.
فاختة بنت غزوان، تزوجها بعد وفاة أم كلثوم، أنجبت له عبد الله بن عثمان الصغير, وقد توفي صغير السن [3].
أم البنين بنت عيينة بن حصن، تزوجها بعد وفاة أم كلثوم، أنجبت له عبد الملك بن عثمان، وقد مات صغيرا.
رملة بنت شيبة، أنجبت له عائشة وأم أبان وأم عمرو بنت عثمان.
نائلة بنت الفرافصة، أنجبت له: أم خالد، أم أبان الصغرى وأروى. وولدت له ابنته مريم كما قال ابن الجوزي وابن سعد، وقال آخرون مريم ليست ابنتها. قال ابن الجوزي: ومريم أمها نائلة بنت الفرافصة [3].
عثمان بن عفان في العهد النبوي
من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم في عثمان
روي في صحيح البخاري1 :
عثمان بن عفان أبي موسى الأشعري رضي الله عنه كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في حائط من حيطان المدينة فجاء رجل فاستفتح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إفتح له وبشره بالجنة ففتحت له فإذا هو أبو بكر، فبشرته بما قال رسول الله، فحمد الله. ثم جاء رجل فاستفتح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إفتح له وبشره بالجنة ففتحت له فإذا هو عمر، فأخبرته بما قال رسول الله، فحمد الله. ثم جاء رجل فاستفتح، فقال لي: إفتح له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه، فإذا عثمان. فأخبرته بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمد الله ثم قال: الله المستعان
عثمان بن عفان
روي في صحيح البخاري2 :
عثمان بن عفان عن أنس رضي الله عنه قال: صعد النبي صلى الله عليه وسلم أحدا ومعه أبو بكر وعمر وعثمان، فرجف، فقال: اسكن أحد ـ أظنه ضربه برجله ـ فليس عليك إلا نبي وصديق وشهيدان
عثمان بن عفان
روي في صحيح مسلم3 :
عثمان بن عفان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء، وأبو بكر، وعمر وعثمان، وعلي وطلحة، والزبير، فتحركت الصخرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إهدأ فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد
عثمان بن عفان
روي في فضائل الصحابة4 :
عثمان بن عفان عن أنس ابن مالك قال: أرحم أمتي أبو بكر وأشدها في دين الله عمر، وأصدقها حياء عثمان، وأعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأقرؤها لكتاب الله أُبَيْ وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح
عثمان وجيش العسرة
يقال لغزوة تبوك غزوة العُسرة، مأخوذة من قول الله في القرآن: ِ لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَة
ندب رسول اللَّه الناس إلى الخروج وأعلمهم المكان الذي يريد ليتأهبوا لذلك، وبعث إلى مكة وإلى قبائل العرب يستنفرهم وأمر الناس بالصدقة، وحثهم على النفقة والحملان، فجاءوا بصدقات كثيرة فجهَّز عثمان ثلث الجيش جهزهم بتسعمائة وخمسين بعيرًا وبخمسين فرسًا. قال ابن إسحاق: أنفق عثمان في ذلك الجيش نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها. وقيل: جاء عثمان بألف دينار في كمه حين جهز جيش العُسرة فنثرها في حجر رسول الله.
عثمان بن عفان في عهدي أبو بكر وعمر
كان شأنه شأن كثير من الصحابة المبشرين بالجنة، حيث رفض الخليفان ان يكون لهم دور مع الجيوش لحاجتهما مشورة كبار الصحابة في المدينة ومنهم عثمان بن عفان.
كان له دور في اختيار عمر بن الخطاب خليفة لابى بكر الصديق عندما استشاره أبا بكر الصديق في امر تولية عمر فقال عثمان : ذلك رجل سره أفضل من علانيته، كتب وصية ابى بكر في ذلك بنفسه.
توليه الخلافة
ولي عثمان الخلافة وعمره 68 عامًا ،وقد تولى الخلافة بعد مقتل عمر بن الخطاب، وفي اختياره للخلافة قصة تعرف بقصة الشورى وهي أنه لما طعن عمر بن الخطاب دعا ستة أشخاص من الصحابة وهم: علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله ليختاروا من بينهم خليفة. وذهب المدعوون إلى لقاء عمر إلا طلحة بن عبيد الله فقد كان في سفر وأوصاهم باختيار خليفة من بينهم في مدة أقصاها ثلاثة أيام من وفاته حرصاً على وحدة المسلميـن.. ولأسباب مختلفة صعد إلى سدة الترشيح النهائي اثنان: الأول علي بن أبي طالب صاحب القرابة والسبق، والثاني عثمان صاحب المكانة الطيبة بين المهاجرين وبين قريش... كان علي بن أبي طالب يشبه عمر بن الخطاب في بعض الصفات كالتقشف والزهد والصرامة في الحق، وكان الناس في تلك اللحظة يريدون قليلاً من التمتع بجني السنوات الصعبة، فتم التشاور واختيار عثمان5، وبايعـه المسلمون في المسجد بيعة عامة سنة 23 هـ فأصبح ثالث الخلفاء الراشدين..[بحاجة لمصدر]
مشكلتان في عهد عثمان
أولاً: أن مجلس الشورى الذي أوصى به عمر لم يتحول إلى مؤسسة الشورى، لقد أدى مهمة واحدة وانتهى الأمر، وكان الأفضل والأفقه أن يظل الخمسة (بقية الستة) يمارسون دوراً استشارياً لمساعدة عثمان في تولية الأمور، خاصة مع كبر عمر عثمان وكثر حجم الدولة.
ثانياً: بعض الصفات الإيجابية الموجودة في عثمان، كالجود والكرم ودماثة الخلق والحياء الشديد، تصلح لمؤمن مثالي يستحق الجنة، أما الخلافة فتحتاج إلى صفات أخرى (قيادية حتماً).. إن القرابة الأموية استغلت هذه الصفات لمصلحتها ومكانتها، مقابل أجيال من الصحابة وغيرهم وجدوا أنفسهم بلا دور، مع الحاجة الماسة لأدوارهم في الدولة الشاسعة، مما أدى إلى نشوء شيء من المعارضة الرمزية تطور فيما بعد وتفاقم، بدل مؤسسة الشورى التي كان من المفروض تأسيسها6.
يؤخذ على الخليفة عثمان انه ولى الكثير من اقاربه على الأمصار وتجاهل الصحابة الأحق. وهذا كان السبب الأهم في مقتل عثمان. ومن الولاة الذين ولاهم عثمان وهم من أقاربه:
ولاة عثمان بن عفان من أقاربه
معاوية بن أبي سفيان
عبد الله بن عامر بن كريز
الوليد بن عقبة
سعيد بن العاص
عبد الله بن سعد بن أبي السرح
مروان بن الحكم
الفتوحات في عهد عثمان
من أهم أعمال عثمان فتح مرو وتركيا وتوسيع الدولة الإسلامية وفتحت في أيام خلافة عثمان الإسكندرية ثم أرمينية والقوقاز وخراسان وكرمان وسجستان وإفريقية وقبرص. وتمت في عهده توسعة المسجد النبوي عام 29ــ30 هـ، وقد أنشأ أول أسطول بحري إسلامي لحماية الشواطيء الإسلامية من هجمات البيزنطيين. وكان من أهم إنجازاته جمع كتابة القرآن الكريم الذي كان قد بدء بجمعه في عهد الخليفة أبي بكر الصديق. وجمع القرآن الكريم في مصحف مكتوب برسمه إلى الوقت الحالي.
[عدل] جمعه للقرأن الكريم في مصحف واحد
في عهده أنتشر الإسلام في بلاد كبيرة وتفرق الصحابة مما أدى إلى ظهور قرائات متعددة وأنتشرت لهجات مختلفة فكان الخوف من أختلاف كتابة القران، وتغير لهجته جمع عثمان المسلمين على لغة قريش أي لهجة قريش وهي لهجة العرب. وتكتب الكتابة للقرآن بلسان العرب ويسمى (مصحف عثمان) أو المصحف الامام.
وفاته
قتل عثمان بن عفان في السنة 35 للهجرة وبشكل شنيع. وكان سنه عند قتله اثنان وثمانون عاماً. ودفن باالبقيع.
كان مقتله على يد مجموعة من الساخطين على حكمه، والذين تم اعتبارهم لاحقًا مارقين وخارجين على إجماع أهل الحل والعقد، وكان مقتله مقدمة لأحداث جسام في تاريخ المسلمين مثل موقعة الجمل (36 هـ) وموقعة صفين.
أقوال الرسول محمد في مقتل عثمان
عن ابن عمر قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة، فمر رجل، فقال: يقتل فيها هذا المقنع يومئذ مظلوما، قال: فنظرت، فإذا هو عثمان بن عفان 7.
عن كعب بن عجرة، قال: ذكر فتنة، فقربها فمر رجل مقنع رأسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا يومئذ على الهدى، فوثبت فأخذت بضبعي عثمان، ثم استقبلت رسول الله فقلت: هذا؟ قال: هذا8.
عن مرة البهزي قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال -بهز من رواة الحديث- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 'تهيج فتنة كالصياصي، فهذا ومن معه على الحق'. قال: فذهبت فأخذت بمجامع ثوبه، فإذا هو عثمان بن عفان 9.
عن أبي الأشعث قال: قامت خطبة بإيلياء في إمارة معاوية فتكلموا، وكان آخر من تكلم مرة بن كعب فقال: لولا حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قمت، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر فتنة فقربها فمر رجل مقنع فقال: هذا يومئذ وأصحابه على الحق والهدى، فقلت هذا يا رسول الله ؟ وأقبلت بوجهه إليه فقال: هذا، فإذا هو عثمان 10.
المصادر
^ [المسعودي، مروج الذهب ج 2/ص 340، الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج 2/ص 692، ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 3/ص 74، تاريخ الإسلام ج 1/ص 252]
^ البداية والنهاية، تأليف: ابن كثير، ج7.
^ أ ب صفوة الصفوة، تأليف: ابن الجوزي، 295/1.
4 حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة للسيوطي ص195 باب أمراء مصر 5 ولاة مصر لأبو عمرو الكندي ص6 6 الكامل في التاريخ لابن الأثير أحداث عام ثمان وثلاثين
الهوامش
1: صحيح البخاري رقم 3695.
2: صحيح البخاري رقم 3697.
3: صحيح مسلم رقم 2417.
4: فضائل الصحابة لأبي عبد الله أحمد بن حنبل (1/604) إسناده صحيح.
5: البوصلة القرآنية، د.أحمد خيري العمري ص344
6: البوصلة القرآنية، د.أحمد خيري العمري ص344
7: فضائل الصحابة لأبي عبد الله أحمد بن حنبل (1/551) إسناده حسن.
8: صحيح سنن ابن ماجة (1/24).
9: المسند (5/33) له طرق تقويه.
10: فضائل الصحابة لأبي عبد الله أحمد بن حنبل (1/550) إسناده حسن.
عدل سابقا من قبل Admin في الخميس سبتمبر 29, 2011 4:14 am عدل 1 مرات
الفتنة زمن عثمان بن عفان
الفتنة زمن عثمان بن عفان
قيل : أن ما يروى من أن قتلة عثمان بالدرجة الأولى هم الصحابة أنفسهم وفي مقدمتهم أم المؤمنين عائشة التي كانت تقول وتنادي بقتله وإباحة دمه على رؤوس الأشهاد : " اقتلوا نعثلا فقد كفر " هو من طريق سيف بن عمر التميمي وهو كذاب مشهور.
نقول : الكلام حول هذا الموضوع الأول أي قتلة عثمان يكون في محورين :
الأول : الناقمين المعترضين والمحرضين الذين ألبوا الناس على عثمان .
الثاني : المشاركين في قتل عثمان وحصاره .
فنقول : إن محاولة إبعاد الصحابة عن كونهم من المشاركين في الثورة وتأليب الناس ضد عثمان هو رد لمسلمات التاريخ ، ولذا لم ينكر ذلك مثل ابن كثير المعروف بتعصبه للصحابة في تاريخه بل أرسلها إرسال المسلمات ، وإليك بعض النصوص التي تتحدث عن دور الصحابة في تلك الفتنة .
فعن بداية الأزمة ودور بعض الصحابة قال ابن كثير في ( البداية والنهاية ) ( ما يوضع بين القوسين تلخيص للمطلب ) : " ثم دخلت سنة خمس وثلاثين ففيها مقتل عثمان وكان السبب في ذلك أن عمرو بن العاص حين عزله عثمان عن مصر وولى عليها عبد الله بن سعد بن أبي سرح ( بسبب شكوى الناس ) عزل عمرا عن الحرب وتركه على الصلاة وولى على
- ج1 ص 196 -
الحرب والخراج عبد الله بن سعد ثم سعوا فيما بينهما بالنميمة فوقع بينهما حتى كان بينهما كلام قبيح فأرسل عثمان فجمع لابن أبي سرح جميع عمالة مصر ( واستقدم عمرا إلى المدينة ) فانتقل عمرو بن العاص إلى المدينة وفي نفسه من عثمان أمر عظيم وشر كبير فكلمه فيما كان من أمره بنفسه وتقاولا في ذلك وافتخر عمرو بأبيه على عثمان وأنه كان أعز منه وجعل عمرو بن العاص يؤلب الناس على عثمان " (1) .
ثم ذكر دور كل من محمد بن أبي بكر ، محمد بن أبي حذيفة ، عمرو بن بديل ، عبد الرحمن بن عديس ، كنانة بن بشر ، سودان بن حمران .
ويتابع قائلا : " وكره أهل مصر عبد الله بن أبي سرح ونشأت طائفة من أبناء الصحابة يؤلبون الناس على حربه والإنكار عليه وكان عظم ذلك مسندا إلى محمد بن أبي بكر ومحمد بن أبي حذيفة حتى استنفرا نحوا من ستمائة راكب يذهبون إلى المدينة في صفة معتمرين في شهر رجب لينكروا على عثمان فساروا إليها تحت أربع رفاق ، وأمر الجميع إلى عمرو بن بديل بن ورقاء الخزاعي وعبد الرحمن بن عديس البلوي وكنانة بن بشر التجيبي وسودان بن حمران السكوني … فلما اقتربوا من المدينة أمر عثمان علي بن أبي طالب أن يخرج إليهم ليردهم إلى بلادهم … وأمره أن يأخذ معه عمار بن ياسر فقال علي لعمار فأبى أن يخرج معه فبعث عثمان سعد بن أبي وقاص أن يذهب إلى عمار ليحرضه على الخروج مع علي إليهم ، فأبى عمار كل الإباء وامتنع أشد الامتناع وكان متعصبا على عثمان بسبب تأديبه له فيما تقدم على أمر وضربه إياه في ذلك وذلك بسبب شتمه عباس بن عتبة بن أبي لهب ،
(1) البداية والنهاية - ج7 ص190
- ج1 ص 197 -
فأدبهما عثمان فتآمر عمار عليه لذلك وجعل يحرض الناس عليه فنهاه سعد بن أبي وقاص عن ذلك ولامه فلم يقع عنه ولم يرجع ولم ينزع " (1) . انتهى كلام ابن كثير .
رأي ابن تيمية في مشاركة الصحابة في قتل عثمان :
بل إن كلام ابن تيمية يشعر بأن من الصحابة من سعوا في التأليب على عثمان فقال في ( منهاج السنة ) : " وأما الساعون في قتله فكلهم مخطئون بل ظالمون باغون معتدون وإن قدر أن منهم من قد يغفر الله له " (2) ، فالحديث قطعا عن الصحابة المأجورين على خطئهم عندهم ، وإلا فإن غير الصحابة يحكم عليهم بالخروج عن إمام الزمان وبالميتة الجاهلية .
رأي الشيخ الذهبي في مشاركة الصحابة في قتل عثمان :
وقد ذكر مثل ذلك ابن كثير في تعليق الشيخ الذهبي ورأيه فيمن قتل الخليفة عثمان ( البداية والنهاية ) : " وقال شيخنا أبو عبد الله الذهبي في آخر ترجمة عثمان وفضائله -بعد حكايته هذا الكلام : الذين قتلوه أو ألبوا عليه قتلوا إلى عفو الله ورحمته والذين خذلوه خذلوا وتنغص عيشهم … " (3) .
(1) البداية والنهاية - ج7 ص191
(2) منهاج السنة - ج3 ص206 (3) البداية والنهاية - ج7 ص222
- ج1 ص 198 -
فكيف يكون مصير قتلة عثمان إلى عفو الله ورحمته في رأي الشيخ الذهبي إلا إذا كانوا من الصحابة الذين يطبق عليهم قاعدة " من اجتهد فأخطأ فله أجر ومن اجتهد فأصاب فله أجران " .
حديث مناشدة عثمان للصحابة الذين منعوه الماء :
ومما يدل أيضا على أن المحرضين على عثمان والمألبين كانوا من الصحابة ما نقله الترمذي من أن عثمان كان يناشد من سمع رسول الله (ص) يذكر فضائله ، فلا بد أن يكون من يخاطبهم عثمان ويناشدهم بقوله " هل تعلمون أن رسول الله قال … " وخطابه بعد ذلك " تمنعوني "
مع الصحابة : روى الترمذي في سننه عن ثمامة بن حزن القشيري قال : شهدت الدار حين أشرف عليهم عثمان فقال : ائتوني بصاحبيكم اللذين ألباكم علي ، قال : فجيء بهما فكأنهما جملان أو كأنهما حماران ، قال : فأشرف عليهم عثمان فقال : أنشدكم بالله والإسلام هل تعلمون أن رسول الله (ص) قدم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة فقال : من يشتري بئر رومة فيجعل دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة فاشتريتها من صلب مالي فأنتم اليوم تمنعوني أن أشرب منها حتى أشرب من ماء البحر ؟ قالوا : اللهم نعم قال : أنشدكم بالله والإسلام هل تعلمون أن المسجد ضاق بأهله فقال رسول الله (ص) : من يشتري بقعة آل فلان فيزيدها في المسجد بخير منها في الجنة ، فاشتريتها من صلب مالي فأنتم اليوم تمنعوني أن أصلي فيها ركعتين ؟ قالوا : اللهم نعم ، قال : أنشدكم بالله والإسلام هل تعلمون أني جهزت جيش العسرة من مالي ؟ قالوا : اللهم نعم ، ثم قال : أنشدكم بالله والإسلام هل تعلمون أن رسول الله (ص) كان على ثبير مكة ومعه أبو بكر وعمر وأنا فتحرك الجبل حتى
- ج1 ص 199 -
تساقطت حجارته بالحضيض قال : فركضه برجله وقال : أسكن ثبير فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان ؟ قالوا : اللهم نعم ، قال : الله أكبر شهدوا لي ورب الكعبة أني شهيد ثلاثا .
قال أبو عيسى هذا حديث حسن وقد روي من غير وجه عن عثمان (1) ، وقال الشيخ الألباني : حسن .
وقد روى الرواية أحمد في مسنده - مع تصريح بأن طلحة ضمن المحاصرين له والمناشدة لطلحة - عن زيد بن أسلم عن أبيه قال : " شهدت عثمان يوم حوصر في موضع الجنائز ولو ألقي حجر لم يقع إلا على رأس رجل ، فرأيت عثمان أشرف من الخوخة التي تلي مقام جبريل عليه السلام ، فقال : أيها الناس أفيكم طلحة ؟ فسكتوا ، ثم قال : أيها الناس أفيكم طلحة ؟ فسكتوا ، ثم قال أيها الناس أفيكم طـلحة ؟ فسكتوا ، ثم قال : أيها الناس أفيكم طلحة ؟ فقام طلحة بن عبيد الله فقال له عثمان : ألا أراك ها هنا ؟ ما كنا أرى أنك تكون في جماعة تسمع ندائي آخر ثلاث مرات ثم لا تجيبني ، أنشدك الله يا طلحة تذكر يوم كنت أنا وأنت مع رسول الله (ص) في موضع كذا وكذا … " (2) .
وروى الحاكم في ( المستدرك ) عن زيد بن أسلم عن أبيه قال : شهدت عثمان يوم حصر في موضع الجنائز ، فقال : أنشدك الله يا طلحة أتذكر يوم كنت أنا وأنت مع رسول الله (ص) في مكان كذا وكذا وليس معه من أصحابه غيري وغيرك فقال لك يا
(1) سنن الترمذي - ج5 ص627
(2) مسند أحمد - ج1 ص556 ح 552
- ج1 ص 200 -
طلحة : إنه ليس من نبي إلا وله رفيق من أمته معه في الجنة وأن عثمان رفيقي ومعي في الجنة فقال طلحة : اللهم نعم ، قال : ثم انصرف طلحة (1) .
كما قال ابن حجر في ( الإصابة ) : " وجاء من طرق شهيرة صحيحة عن عثمان لما أن حصروه أنشد الصحابة في أشياء منها تجهيزه جيش العسرة ومنها مبايعة النبي تحت الشجرة لما أرسله إلى مكة ومنها شراؤه بئر رومة وغير ذلك " (2) .
ومما سبق يتضح الرد على من يحاول إنكار أن طلحة ومحمد بن أبي بكر كانوا ممن حاصروا عثمان ومنعوه من شرب الماء ليجبروه على الاستقالة .
ففي رواية الترمذي التي ذكرناها سابقا يناشد عثمان من سمع رسول الله (ص) يذكر فضائله ، فيفترض أن يكونوا من الصحابة ، ثم من سياق الرواية يتضح أن هناك محرضين أساسيين .
" قال عثمان : ائتوني بصاحبيكم اللذين ألباكم علي ، قال : فجيء بهما فكأنهما جملان أو كأنهما حماران … " .
وقال المالقي في ( مقتل الشهيد عثمان ) : " أشرف على الناس وهو محصور فقال : من يعذرني في هذين الرجلين اللذين ألبا علي الناس ، يحتمل أن يريد بالرجلين طلحة والزبير فإنهما كانا في جملة الذين تكلموا في شأن عثمان (رض) ، ثم بان لهما الحق فانصرفا عنه وندما على ذلك ولهذا قال طلحة لما طعن : اللهم خذ لعثمان مني حتى ترضى " (3) .
(1) المستدرك على الصحيحين - ج3 ص97
(2) الإصابة - ج3 ص223 (3) مقتل الشهيد عثمان - ج2 ص167
- ج1 ص 201 -
وقد روى الطبري في تاريخه عن حكيم بن جابر قال : قال علي لطلحة : " أنشدك بالله إلا رددت الناس عن عثمان ، قال : لا والله حتى تعطي بنو أمية الحق من أنفسها " (1) .
ويؤيد ذلك ما ذكره ابن الأثير في تاريخه ( الكامل ) : " … فلما قدم علي أتاه عثمان وقال له : أما بعد فإن لي حق الإسلام وحق الإخاء والقرابة والصهر ولو لم يكن من ذلك شيء وكنا في الجاهلية لكان عارا على بني عبد مناف أن ينتزع أخو بني تيم يعني طلحة أمرهم ، فقال له علي : سيأتيك الخبر ثم خرج إلى المسجد … حتى دخل دار طلحة وهو في خلوة من الناس فقال له : يا طلحة ما هذا الأمر الذي وقعت فيه ؟… " (2) .
وستجد عند الحديث عن دور طلحة في الحصار روايات أخرى تؤكد دور طلحة في التأليب على عثمان .
أصحاب النبي (ص) بالمدينة يطلبون إقامة دين محمد (ص) :
روى الطبري عن عبد الرحمن بن يسار قال : " لما رأى الناس ما صنع عثمان كتب من بالمدينة من أصحاب النبي (ص) إلى من بالآفاق منهم وكانوا قد تفرقوا في الثغور أنكم إنما خرجتم أن تجاهدوا في سبيل الله عز وجل تطلبون دين محمد (ص) فإن دين محمد قد أفسد من خلفكم وترك فهلموا فأقيموا دين محمد (ص) فأقبلوا من كل أفق حتى قتلوه " (3) ومتن الخبر صريح في المطلوب .
(1) تاريخ الطبري - ج3 ص433
(2) الكامل - ج2 ص535 (3) تاريخ الطبري - ج3 ص400
- ج1 ص 202 -
وذكر الطبري موقفا لعثمان مع عبد الله بن عامر يظهر موقف الصحابة من عثمان : عن العلاء بن عبد الله بن زيد العنبري أنه قال : " اجتمع ناس من المسلمين فتذاكروا أعمال عثمان وما صنع فاجتمع رأيهم على أن يبعثوا إليه رجلا يكلمه ويخبره بأحداثه ، فأرسلوا إليه عامر بن عبد الله التميمي ثم العنبري وهو الذي يدعى عامر بن عبد قيس ، فأتاه فدخل عليه فقال له : إن ناسا من المسلمين اجتمعوا فنظروا في أعمالك فوجدوك قد ركبت أمورا عظاما فاتق الله عز وجل وتب إليه وانزع عنها ، قال له عثمان : انظر إلى هذا فإن الناس يزعمون انه قارئ ثم هو يجيء فيكلمني في المحقرات فوالله ما يدري أين الله ، قال عامر أنا لا ادري أين الله ؟ قال : نعم والله ما تدري أين الله ، قال عامر : بلى والله إني لأدري أن الله بالمرصاد لك " (1) .
وذكر السيوطي في ( تاريخ الخلفاء ) : " أخرج عن أبي الطفيل عامر ابن واثلة الصحابي أنه دخل على معاوية ، فقال له معاوية : ألست من قتلة عثمان ؟ قال : لا ، ولكني ممن حضره فلم ينصره ، قال : وما منعك من نصره ؟ قال : لم تنصره المهاجرون والأنصار، فقال معاوية : أما لقد كان حقا واجبا عليهم أن ينصروه ، قال : فما منعك يا أمير المؤمنين من نصره ومعك أهل الشام ؟ فقال معاوية : أما طلبي بدمه نصرة له ؟ فضحك أبو الطفيل ثم قال : أنت وعثمان كما قال الشاعر : لا ألفينك بعد الموت تندبني وفي حياتي ما زودتني زادا " (2)
وفي كتاب ( السنة ) لابن خلال " أخبرنا عبد الله بن أحمد قال :حدثني أبي قال : قال سفيان : أهل المدينة لما وثبوا على عثمان فقتلوه قال لهم سعد : أمعاوية خير
(1) تاريخ الطبري - ج3 ص372
(2) تاريخ الخلفاء - ص200
- ج1 ص 203 -
عندكم من عثمان ؟ قالوا : بل عثمان قال : فلا تقتلوه ، قالوا : نكله إلى الله ، قال : كذبة والله " (1) .
والشاهد فيه قوله " أهل المدينة لما وثبوا على عثمان فقتلوه … " .
وممن خذل عثمان من الصحابة أبو حميد أخو بني ساعدة فقد ذكر ابن كثير في تاريخه : " وكان ممن شهد بدرا وكان ممن جانب عثمان فلما قتل قال : والله ما أردنا قتله ولا كنا نرى أن يبلغ منه القتل " (2) .
هذا وقد صرح ابن كثير في تاريخه بما هو إقرار بتأليب الصحابة على عثمان فقال : " إن قال قائل كيف وقع قتل عثمان ( رض ) بالمدينة وفيها جماعة من كبار الصحابة (رض) ؟ فجوابه من وجوه أحدها أن كثيرا منهم بل أكثرهم أو كلهم لم يكن يظن أنه يبلغ الأمر إلى قتله … " (3) .
ولكن يرده ما ذكره ابن حجر في ( فتح الباري ) في اعتزال الأحنف بن قيس القتال في حرب الجمل من أن قتل عثمان كان أمرا متوقعا عند كبار الصحابة : " فأخرج الطبري بسند صحيح عن حصين بن عبد الرحمن عن عمرو بن جاوان قال : قلت : أرأيت اعتزال الأحنف ما كان ؟ قال : سمعت الأحنف قال : حججنا فإذا الناس مجتمعون في وسط المسجد - يعني النبوي - وفيهم علي والزبير وطلحة وسعد إذ جاء عثمان فذكر قصة مناشدته لهم في ذكر مناقبه ، قال الأحنف فلقيت طلحة والزبير فقلت : إني لا أرى هذا الرجل - يعني عثمان - إلا مقتولا ، فماذا تأمراني به ؟ قالا : علي ، فقدمنا مكة فلقيت عائشة وقد بلغنا قتل عثمان فقلت لها : من تأمريني
(1) السنة لابن خلال - ص322 حديث 410
(2) البداية والنهاية - ج7 ص217 (3) نفس المصدر السابق - ص220
- ج1 ص 204 -
به ؟ قالت : علي ، فرجعنا إلى المدينة فبايعت عليا ورجعت إلى البصرة فبينما نحن كذلك إذ أتاني آت فقال : هذه عائشة وطلحة والزبير نزلوا بجانب الخريبة يستنصرون بك ، فأتيت عائشة فذكرتها بما قالت لي ، ثم أتيت طلحة والزبير فذكرتهما القصة وفيها قلت : والله لا أقاتلكم ومعكم أم المؤمنين وحواري رسول الله (ص) ، ولا أقاتل رجلا أمرتموني ببيعته ، فاعتزل القتال " (1) .
ففي قوله " إني لا أرى هذا الرجل - يعني عثمان - إلا مقتولا فماذا تأمراني به ؟ قالا : علي …" دليل على أن الأمر كان متوقعا عند كبار الصحابة لا خافيا كما ذكر ابن كثير .
المشاركون في التحريض على عثمان من الصحابة
* أم المؤمنين عائشة
ما نقله عبد الرزاق الصنعاني في ( المصنف ) عن عروة قال : دخلت على عائشة أنا وعبيد الله بن عدي بن الخيار فذكرت عثمان فقالت : " يا ليتني كنت نسيا منسيا والله ما انتهكت من عثمان شيئا إلا وقد انتهك مني مثله حتى لو أحببت قتله لقتلت " (2) ، وإن كانت هناك أدلة دلت على أنها أمرت بالقتل لا أنها أحبت فقط ، المهم أن النص بهذا المقدار اعتراف منها إنها انتهكت عثمان ، ورجال سند الصنعاني موثقون .
(1) فتح الباري - ج13 ص35
(2) المصنف للصنعاني - ج11 ص447
- ج1 ص 205 -
وقال أبو الفداء في تاريخه : " كانت عائشة تنكر على عثمان مع من ينكر عليه وكانت تخرج قميص رسول الله وشعره وتقول : هذا قميصه وشعره لم يبل وقد بلي دينه " (1) .
ثم اعتزالها الفتنة وخروجها إلى مكة بعد ما جرى على أم المؤمنين أم حبيبة وعدم نصرتها عثمان جلية في رواية ابن كثير قال : " وجاء وقت الحج فخرجت أم المؤمنين عائشة في هذه السنة إلى الحج ، فقيل لها : إنك لو أقمت كان أصلح لعل هؤلاء القوم يهابونك ، فقالت : إني أخشى أن أشير عليهم برأي فينالني منهم من الأذية ما نال أم حبيبة فعزمت على الخروج " (2)
وفي ( الطبقات الكبرى ) لابن سعد عند ترجمة مروان بن الحكم ، يذكر كلام مروان وزيد بن ثابت وعبد الرحمن بن عتاب لعائشة عند خروجها من مكة طالبين منها البقاء ، فقالوا : " يا أم المؤمنين لو أقمت فإن أمير المؤمنين على ما ترين محصور ومقامك مما يدفع الله به عنه ، فقالت : قد حلبت ظهري وعريت غرائزي ولست أقدر على المقام ، فأعادوا عليها الكلام ، فأعادت عليهم مثل ما قالت ، فقام مروان وهو يقول :
وحـرق قيس علي البـلاد حتى إذا استعـرت أجذمـا
فقالت عائشة : أيها المتمثل علي بالأشعار وددت والله أنك وصاحبك هذا الذي يعنيك أمره في رجل كل واحد منكما رحا وإنكما في البحر وخرجت إلى مكة " (3) .
(1) المختصر في أخبار البشر - ج1 ص239
(2) البداية والنهاية - ج7 ص209
(3) الطبقات الكبرى - ج3 ص292
- ج1 ص 206 -
وروى أحمد بن حنبل في مسنده عن عبد الله بن قيس أن النعمان ابن بشير حدثه قال : " كتب معي معاوية إلى عائشة ، قال : فقدمت على عائشة فدفعت إليها كتاب معاوية ، فقالت : يا بني ألا أحدثك بشيء سمعته من رسول الله (ص) ، قلت : بلى ، قالت : فإني كنت أنا وحفصة يوما من ذاك عند رسول الله (ص) ، فقال : لو كان عندنا رجل يحدثنا ، فقلت : يا رسول الله ألا أبعث لك إلى أبي بكر فسكت ثم قال : لو كان عندنا رجل يحدثنا فقالت حفصة : ألا أرسل لك إلى عمر فسكت ثم قال : لا ، ثم دعا رجلا فساره بشيء ، فما كان إلا أن أقبل عثمان فأقبل عليه بوجهه وحديثه فسمعته يقول له : ( يا عثمان إن الله عز وجل لعله أن يقمصك قميصا فان أرادوك على خلعه فلا تخلعه ) ثلاث مرار ، قال : فقلت يا أم المؤمنين فأين كنت عن هذا الحديث ، فقالت : يا بني والله لقد أنسيته حتى ما ظننت أني سمعته " (1) .
ونقل خليفة بن خياط في تاريخه قولا لمسروق يؤيد الروايات السابقة قال مسروق : " قالت عائشة : تركتموه كالثوب النقي من الدنس ، ثم قربتموه تذبحونه كما يذبح الكبش ، قال مسروق : فقلت : هذا عملك كتبت إلى الناس تأمرينهم بالخروج عليه ، فقالت عائشة : والذي آمن به المؤمنون وكفر به الكافرون ما كتبت إليهم بسواد في بياض حتى جلست مجلسي هذا ، قال الأعمش : فكانوا يرون أنه كتب على لسانها " (2) .
رواه ابن كثير في تاريخه وقال : وهذا إسناد صحيح إليها (3) .
(1) مسند أحمد - ج42 ص84
(2) تاريخ خليفة بن خياط - ص104 (3) البداية والنهاية - ج7 ص218
- ج1 ص 207 -
وأما ما أنكره من قول أم المؤمنين عائشة عن عثمان " اقتلوا نعثلا فقد كفر " .
فقد ذكره ابن الأثير في كتابه ( النهاية في غريب الأثر ) : " في مقتل عثمان لا يمنعك مكان ابن سلام أن تسب نعثلا كان أعداء عثمان يسمونه نعثلا تشبيها برجل من مصر كان طويل اللحية اسمه نعثل ، وقيل النعثل الشيخ الأحمق وذكر الضباع ومنه حديث عائشة : اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا تعني عثمان وهذا كان منها لما غاضبته وذهبت إلى مكة " (1) .
وذكره ابن أعثم في ( الفتوح ) عند ذكر خروج عائشة إلى الحج قال : " وكانت عائشة تحرض على قتل عثمان جهدها وطاقتها ، وتقول : أيها الناس هذا قميص رسول الله (ص) لم يبل وبليت سنته ، اقتلوا نعثلا ، قتل الله نعثلا " (2) ، وذكره ابن منظور في ( لسان العرب ) مادة نعثل .
* الزبير بن العوام
قال ابن حجر في ( فتح الباري ) باب ما جاء في قول الله تعالى ( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ) ، قلت : ورد فيه ما أخرجه أحمد والبزار من طريق مطرف بن عبد الله بن الشخير قال : " قلنا للزبير - يعني في قصة الجمل - يا أبا عبد الله ما جاء بكم ؟ ضيعتم الخليفة الذي قتل - يعني عثمان - بالمدينة ثم جئتم تطالبون بدمه - يعني بالبصرة - فقال الزبير : إنا قرأنا على عهد رسول الله (ص) واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ، لم نكن نحسب أنا أهلها حتى وقعت منا حيث وقعت " (3) .
(1) النهاية في غريب الأثر - ج5 ص68
(2) الفتوح - ج1 ص 420 (3) فتح الباري - ج13 ص4
- ج1 ص 208 -
ذكره الذهبي في ( تاريخ الإسلام ) تاريخ الخلفاء (1) ، وفي الحاشية قال المحقق : " رواه أحمد في مسنده بسند حسن ج1 ص165 ، وذكره ابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق ج5 ص367 ، والسيوطي في الدر المنثور ج3 ص177 ونسبه إلى أحمد والبزار وابن المنذر وابن مردويه وابن عساكر وذكره الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) ج7 ص27 وقال : رواه أحمد بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحاح " .
* عمرو بن العاص
تقدم ذكر ما يدل على ذلك عند نقل ما ذكره ابن كثير في ( البداية والنهاية ) في أول أحداث عام 35 ، ومن النصوص الأخرى ما ذكره ابن الأثير في ( الكامل ) : " … وخرج عمرو بن العاص إلى منزله بفلسطين وكان يقول : والله إني كنت لألقى الراعي فأحرضه على عثمان ، وأتى عليا وطلحة والزبير فحرضهم على عثمان … ثم مر راكب آخر فسأله قال : قتل عثمان فقال عمرو : أنا أبو عبد الله إذا حككت قرحة نكأتها … " (2) .
ونقل الذهبي في ( تاريخ الإسلام ) الجزء المتعلق بتاريخ الخلفاء تذكير ابن عباس لمعاوية وعمرو بن العاص بدورهم في فتنة عثمان فقال : " أما أنت يا معاوية فزينت له ما كان يصنع حتى إذا طلب منك نصرك أبطأت عنه وأحببت قتله ، وأما أنت يا عمرو فأضرمت المدينة عليه " (3) .
نقل ذلك ابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) (4) .
(1) تاريخ الإسلام - المجلد الخاص بتاريخ الخلفاء - ص504
(2) الكامل - ج2 ص533
(3) تاريخ الإسلام - المجلد الخاص بتاريخ الخلفاء - ص95
(4) تاريخ دمشق - ج13 ص263
- ج1 ص 208 -
وروى ابن عبد البر في ( الاستيعاب ) في ترجمة عمرو بن العاص قال : " وحدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبيه عن جده علقمة بن وقاص أن عمرو بن العاص قام إلى عثمان وهو يخطب بالناس فقال : يا عثمان ، إنك قد ركبت بالناس المهامة وركبوها منك ، فتب إلى الله عز وجل وليتوبوا ، قال : فالتفت إليه عثمان فقال : وإنك لهناك يا ابن النابغة ، ثم رفع يديه واستقبل القبلة وقال : أتوب إلى الله ، اللهم إني أول تائب إليك " (1) .
وذكر ابن الأثير في ( أسد الغابة ) عند ترجمة عمرو بن العاص : " وكان يأتي إلى المدينة أحيانا وكان يطعن على عثمان " (2) .
* عبد الرحمن بن عوف
روى الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) ما يدل على وجود الجفوة بين عبد الرحمن وعثمان ، فعن سعيد بن المسيب قال : رفع عثمان صوته على عبد الرحمن بن عوف فقال له : لأي شيء ترفع صوتك علي ؟ وقد شهدت بدرا ولم تشهد ، وبايعت رسول الله ولم تبايع ، وفررت يوم أحد ولم أفر … ، قال الهيثمي : رواه البزار وإسناده حسن وقد تقدمت له طريق في هذا الباب غيره " (3) .
وروى أحمد بن حنبل في مسنده : عن عاصم عن شقيق قال : لقي عبد الرحمن بن عوف الوليد بن عقبة ، فقال له الوليد : ما لي أراك قد جفوت أمير المؤمنين عثمان ،
(1) الاستيعاب - ج3 ص158
(2) أسد الغابة - ج3 ص742 (3) مجمع الزوائد - ج9 ص84
- ج1 ص 210 -
فقال له عبد الرحمن : أبلغه أني لم أفر يوم عينين ، قال عاصم : يقول يوم أحد ، ولم أتخلف يوم بدر ، ولم أترك سنة عمر ، وعلق عليه المحقق بقوله إسناده حسن (1) .
ونقل الطبراني نحوا منه بنفس الإسناد .
وقال محقق الكتاب حمدي السلفي : " ورواه أحمد وابنه عبد الله وأبو يعلى والبزار كما في ( مجمع الزوائد ) ج7 ص226 وهو حديث صحيح كما قال أحمد محمد شاكر ، وذكره الهيثمي وقال : وفيه عاصم بن بهدلة وهو حسن الحديث وبقية رجاله ثقات " (2) .
وروى البلاذري في ( أنساب الأشراف ) عن إبراهيم بن سعد عن أبيه أن عبد الرحمن أوصى أن لا يصلي عليه عثمان ، فصلى عليه الزبير ، أو سعد بن أبي وقاص (3) .
* عبد الله بن مسعود
ذكر الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) : عن كلثوم الخزاعي قال : قال عبد الله بن مسعود : ما يسرني أني رميت عثمان بسهم أخطأه ، أحسبه قال أريد قتله وإن لي مثل أحد ذهبا (4) .
وينقل أحمد في مسنده عن أبي عون الأنصاري أن عثمان بن عفان (رض) قال لابن مسعود : " هل أنت منته عما بلغني عنك ؟ فاعتذر بعض العذر… " (5) .
وروى ابن عبد البر القرطبي في ( الاستيعاب ) في ترجمة عبد الله بن مسعود عن زيد بن وهب قال : " لما بعث عثمان إلى عبد الله بن مسعود يأمره بالخروج إلى المدينة
(1) مسند أحمد - ج1 ص525 ح490
(2) المعجم الكبير - ج7 ص226
(3) أنساب الأشراف - ج6 ص172
(4) مجمع الزوائد - ج9 ص93 (5) مسند أحمد - ج1 ص518 ح479
- ج1 ص 211 -
اجتمع الناس إليه ، وقالوا : أقم ولا تخرج ، ونحن نمنعك أن يصل إليك شيء تكرهه منه فقال لهم عبد الله : إن له علي طاعة وإنها ستكون أمور وفتن ، لا أحب أن أكون أول من فتحها " (1) .
* عمار بن ياسر
من أشهر الناقمين المحرضين الناس على عثمان كما نقلنا سابقا عن تاريخ ابن كثير : " فبعث عثمان سعد بن أبي وقاص أن يذهب إلى عمار ليحرضه على الخروج مع علي إليهم ، فأبى عمار كل الإباء وامتنع أشد الامتناع ، وكان متعصبا على عثمان بسبب تأديبه له فيما تقدم على أمر وضربه إياه في ذلك وذلك بسبب شتمه عباس بن عتبة بن أبي لهب ، فأدبهما عثمان فتآمر عمار عليه لذلك وجعل يحرض الناس عليه فنهاه سعد بن أبي وقاص عن ذلك ولامه ، فلم يقع ( يقلع ) عنه ولم يرجع ولم ينزع " (2) .
وذكر الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) عن علقمة بن وقاص قال : " اجتمعنا في دار مخرمة بعدما قتل عثمان نريد البيعة ، فقال أبو جهم بن حذيفة : إنا من بايعنا منكم فإنا لا نحول دون قصاص ، فقال عمار : أما من دم عثمان فلا ، فقال أبو جهم : الله يا ابن سمية الله لتقادن من جلدات جلدتها ولا يقادن من دم عثمان ، فانصرفنا يومئذ من غير بيعة " ، قال الهيثمي : رواه الطبراني ورجاله وثقوا (3) .
(1) الاستيعاب - ج3 ص115
(2) البداية والنهاية - ج7 ص191 (3) مجمع الزوائد - ج9 ص98
- ج1 ص 212 -
وروى البلاذري في ( أنساب الأشراف ) : عن أبي الغادية قاتل عمار قال : " إنا كنا نعد عمار بن ياسر فينا حنانا ، فبينا أنا في مسجد قباء إذ هو يقول : إن نعثلا هذا… ، يعني عثمان ، فقلت : لو أجد عليه أعوانا لوطئته حتى أقتله … " (1) .
وذكره الهيثمي في ( المجمع ) عن كلثوم بن جبر قال أبوغادية : " سمعته يوما في مسجد قباء يقع في عثمان فلو خلصت إليه لوطئته برجلي " ، قال الهيثمي : رواه كله الطبراني وعبد الله باختصار ورجال أحد إسنادي الطبراني رجال الصحيح (2) .
وينقل شتم عمار لعثمان أحمد بن حنبل في مسنده (3) وتاريخ المدينة (4) والذهبي في ( تاريخ الإسلام ) القسم المتعلق بتاريخ الخلفاء (5) .
وروى الحاكم في ( مستدرك الصحيحين ) عن رسول الله (ص) قوله في عمار : " ما عرض على ابن سمية أمران قط إلا اختار بالأرشد منهما " (6) وقوله (ص) : " من يسب عمار يسبه الله ومن يعاد عمار يعاده الله " (7) ، وقوله (ص) : " دوروا مع كتاب الله حيث دار وانظروا الفئة التي فيها ابن سمية فإنه يدور مع كتاب الله حيثما دار " ( .
* أبو ذر الغفاري
روى البخاري في كتاب العلم باب قول النبي (ص) رب مبلغ أوعى معلقا قول أبي ذر : " لو وضعتم الصمصامة على هذه - وأشار إلى قفاه - ثم ظننت أني أنفذ كلمة سمعتها من النبي (ص) قبل أن تجيزوا علي لأنفذتها " (9) .
(1) أنساب الأشراف - ج1 ص196
(2) مجمع الزوائد - ج9 ص298
(3) مسند أحمد - ج4 ص76 ، 198
(4) تاريخ المدينة - ج3 ص1102
(5) تاريخ الإسلام المجلد الخاص بتاريخ الخلفاء ص434
(6) المستدرك على الصحيحين - ج3 ص438
(7) نفس المصدر السابق - ص439
( نفس المصدر السابق - ص443
(9) صحيح البخاري - ج1 ص27
- ج1 ص 213 -
قال ابن حجر في ( الفتح ) : " هذا تعليق رويناه موصولا في مسند الدارمي وغيره من طريق الأوزاعي حدثني أبو كثير - يعني مالك بن مرثد - عن أبيه قال : أتيت أبا ذر وهو جالس عند الجمرة الوسطى وقد اجتمع عليه الناس يستفتونه فأنتاه رجل فوقف عليه ثم قال : ألم تنه عن الفتيا ؟ فرفع رأسه إليه فقال : أرقيب أنت علي ؟ لو وضعتم … فذكر مثله ، ورويناه في الحلية من هذا الوجه وبين أن الذي خاطبه رجل من قريش ، وأن الذي نهاه عن الفتيا عثمان ( رض ) وكان سبب ذلك أنه كان بالشام فاختلف مع معاوية في تأويل قوله تعالى ( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ) … فحصلت منازعة أدت على انتقال أبي ذر عن المدينة فسكن الربذة … إلى أن مات رواه النسائي " (1) .
وأما ابن عبد البر فقد قال في ( الاستيعاب ) : " ثم استقدمه عثمان - من الشام - لشكوى معاوية به وأسكنه الربذة " (2) .
وروى البلاذري في ( أنساب الأشراف ) عن قتادة قال : تكلم أبو ذر بشيء كرهه عثمان فكذبه ، فقال : ما ظننت أن أحدا يكذبني بعد قول رسول الله (ص) : " ما أقلت الغبراء ولا أطبقت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر " ، ثم سيره إلى الربذة … فقال : "ردني عثمان بعد الهجرة أعرابيا " (3) .
(1) فتح الباري - ج1 ص161
(2) الاستيعاب - ج1 ص321 (3) أنساب الأشراف - ج6 ص168
- ج1 ص 214 -
* محمد بن أبي حذيفة
قال الذهبي في ( سير الأعلام ) عن محمد بن أبي حذيفة : " وكان من أشد الناس تأليبا على عثمان ، خدعه معاوية وسجنه " (1) .
وروى الطبراني في ( المعجم الكبير ) ، عن محمد بن سيرين " أن محمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة وكعبا ركبا سفينة في البحر فقال : يا كعب أما تجد سفينتنا هذه في التوراة كيف تجري ؟ فقال : لا ولكن أجد فيها رجلا أشقى الفتية من قريش ينزو في الفتنة كما ينزو الحمار لا تكن أنت هو ، قال ابن سيرين : فزعموا أنه كان هو " (2) ، ذكره الهيثمي في ( المجمع ) وقال : رجاله رجال الصحيح (3) .
* جهجاه الغفاري
قال ابن حجر في ( الإصابة ) في ترجمة جهجاه : " شهد بيعة الرضوان بالحديبية وعاش إلى خلافة عثمان " (4) .
وقال ابن جرير الطبري في تاريخه : حدثنا أحمد بن إبراهيم ثنا عبد الله بن إدريس عن عبيد الله بن عمر عن نافع أن جهجاه الغفاري أخذ عصا كانت في يد عثمان فكسرها على ركبته (5) .
وحديث جهجاه هذا ذكره ابن أبي شيبة في ( المصنف ) عن عبد الله بن إدريس عن عبد الله بن عمر عن نافع (6) .
وذكر ذلك ابن حجر في ( الإصابة ) : " روى البارودي عن طريق الوليد بن مسلم عن مالك وغيره عن نافع عن ابن عمر قال : قام جهجاه الغفاري إلى عثمان وهو
(1) سير أعلام النبلاء - ج1 ص165
(2) المعجم الكبير - ج1 ص83
(3) مجمع الزوائد - ج7 ص231
(4) الإصابة - ج1 ص265 (5) تاريخ الطبري - ج3 ص400
(6) مصنف لابن أبي شيبة - ج7 ص488
- ج1 ص 215 -
على المنبر فأخذ عصاه فكسرها … ، ورواه ابن السكن من طريق سليمان بن بلال وعبيد الله بن إدريس عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مثله ، ورواه من طريق فليح بن سليمان عن عمته عن أبيها وعمها أنهما حضرا عثمان ، قال : فقام إليه جهجاه بن سعيد بالقضيب من يده فوضعها على ركبته فكسرها فصاح به الناس ونزل عثمان فدخل داره … قال : ورويناه في المحامليات من طريق حماد بن زيد عن يزيد بن حازم عن سليمان بن يسار أن جهجاه الغفاري نحو الأول " (1) .
وذكر ذلك الذهبي في ( تاريخ الإسلام ) في أحداث عام 37 ، عند ذكر جهجاه (2) .
وقال ابن عبد البر في ( الاستيعاب ) : " هو الذي تناول العصا من يد عثمان ( رض ) وهو يخطب فكسرها على ركبته " (3) .
* أعين بن ضبيعة
ذكره ابن حجر في ( الإصابة ) من الصحابة ، وذكر أنه أبو امرأة الفرزذق .
وقد ذكر ضمن الناقمين في ( مجمع الزوائد ) : عن عباد بن أزهر أبي رواع قال سمعت عثمان يخطب : قال : إنا والله قد صحبنا رسول الله (ص) في السفر والحضر … رواه أحمد وأبو يعلى في الكبير وزاد فقال له أعين ابن امرأة الفرزدق : يا نعثل إنك قد بدلت ، فقال : من هذا ؟ قالوا : أعين … ورجالهما رجال الصحيح غير عباد بن زاهر وهو ثقة (4) .
(1) الإصابة - ج1 ص265
(2) تاريخ الإسلام - ص561
(3) الاستيعاب - ج1 ص420
(4) مجمع الزوائد - ج7 ص228
- ج1 ص 216 -
وأما الصحابة الذين ذكرت مشاركتهم في الحصار أو القتل فهم :
طلحة بن عبيد الله ، محمد بن أبي بكر ، عبد الرحمن بن عديس ، عمرو بن الحمق الخزاعي ، عمرو بن بديل ، كنانة بن بشر التجيبي .
ولكن يجب التنبيه على أن القتال بدأ من جانب عثمان نفسه فالمتحصنين في البيت معه بدأوا بقتل أحد الصحابة الذين وقفوا خارج البيت يناشدون عثمان .
فقد روى الطبري في تاريخه عن حسين بن عيسى عن أبيه قال : " لما مضت أيام التشريق أطافوا بدار عثمان ( رض ) وأبى إلا الإقامة على أمره ، وأرسل إلى حشمه وخاصته فجمعهم ، فقام رجل من أصحاب النبي (ص) يقال له نيار بن عياض وكان شيخا كبيرا فنادى : يا عثمان ، فأشرف عليه من أعلى داره فناشده الله وذكره الله لما اعتزلهم فبينما هو يراجعه الكلام إذ رماه رجل من أصحاب عثمان فقتله بسهم ، وزعموا أن الذي رماه كثير بن الصلت الكندي فقالوا لعثمان عند ذلك : ادفع إلينا قاتل نيار فلنقتله به ، فقال : لم أكن لأقتل رجلا نصرني وأنتم تريدون قتلي ، فلما رأوا ذلك ثاروا إلى بابه فأحرقوه …" (1)
* طلحة بن عبيد الله
كان ممن شارك في الحصار والتضييق على عثمان .
فقد روى الحاكم في ( المستدرك ) عن علقمة قال : " قال ابن مسعود ( رض ) : قال لنا رسول الله (ص) : أحذركم سبع فتن تكون بعدي فتنة تقبل من المدينة ، وفتنة بمكة ، وفتنة تقبل من اليمن ، وفتنة تقبل من الشام ، وفتنة تقبل من المشرق ، وفتنة تقبل من المغرب ، وفتنة من بطن الشام وهي السفياني ، قال : فقال ابن مسعود : منكم من يدرك أولها ومن هذه الأمة من يدرك آخرها ، قال الوليد بن عياش : فكانت
(1) تاريخ الطبري - ج3 ص413
- ج1 ص 217 -
فتنة المدينة من قبل طلحة والزبير وفتنة مكة فتنة عبد الله بن الزبير ، وفتنة الشام من قبل بني أمية ، وفتنة المشرق من قبل هؤلاء " ، قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (1) .
أما عن مسئولية طلحة عن مقتل عثمان فقد ذكر الحاكم في ( المستدرك ) عن إسرائيل بن موسى قال : سمعت الحسن يقول : " جاء طلحة والزبير إلى البصرة : فقال لهم الناس : ما جاءكم ، قالوا :نطلب دم عثمان ، قال الحسن : أيا سبحان الله أفما كان للقوم عقول فيقولون والله ما قتل عثمان غيركم " (2) .
روى عمر بن شبة في ( تاريخ المدينة ) عن جعفر بن سليمان الضبي أن أشد الصحابة على عثمان طلحة (3) .
وذكر الطبري في تاريخه عن حكيم بن جابر قال : " قال علي لطلحة : أنشدك بالله إلا رددت الناس عن عثمان ، قال : لا والله حتى تعطي بنو أمية الحق من أنفسها " (4) .
وذكر في ( الكامل في التاريخ ) لابن الأثير أن طلحة قد شارك في منع وصول الماء إلى بيت عثمان قال : ولم يعد علي يعمل ما كان يعمل إلى أن منع عثمان الماء ، فقال علي لطلحة : أريد أن تدخل عليه الروايا وغضب غضبا شديدا حتى دخلت الروايا على عثمان (5) .
بل يصرح عثمان بأن المتهم الأول عنده طلحة ، قال عبد الله بن عباس بن أبي ربيعة : " دخلت على عثمان فأخذ بيدي فأسمعني كلام من على بابه ، فمنهم من يقول : ما تنتظرون به ؟ ومنهم من يقول : انظروا عسى أن يراجع ، قال : فبينما نحن
(1) المستدرك على الصحيحين - ج4 ص515
(2) نفس المصدر السابق - ج3 - ص118
(3) تاريخ المدينة - ص1169
(4) تاريخ الطبري - ج3 ص433
(5) الكامل في التاريخ - ج2 ص535
- ج1 ص 218 -
واقفون إذ مر طلحة فقال : أين ابن عديس ؟ فقام إليه فناجاه ، ثم رجع ابن عديس فقال لأصحابه : لا تتركوا أحدا يدخل على عثمان ولا يخرج من عنده ، فقال لي عثمان : هذا من أمر طلحة ، اللهم اكفني طلحة فإنه حمل علي هؤلاء وألبـهم علي ! … " (1) .
والذي يؤيد هذه الأخبار ما ذكر في مقتل طلحة فقد قتله مروان بن الحكم . ذكر ذلك ابن حجر في ( الإصابة ) قال : " … وروى ابن عساكر من طرق متعددة أن مروان بن الحكم هو الذي رماه فقتله منها .
وأخرجه أبو القاسم البغوي بسند صحيح عن الجارود بن أبي سبرة قال : لما كان يوم الجمل نظر مروان إلى طلحة ، فقال : لا أطلب ثأري بعد اليوم ، فنزع له بسهم فقتله .
وأخرج يعقوب بن سفيان بسند صحيح عن قيس بن أبي حازم أن مروان بن الحكم رأى طلحة في الخيل ، فقال : هذا أعان على عثمان فرماه بسهم في ركبته ، فما زال الدم يسيح حتى مات " (2) انتهى كلام ابن حجر .
وقال القرطبي في ( الاستيعاب ) في ترجمة طلحة : " ويقال أن السهم أصاب ثغرة نحره ، وأن الذي رماه مروان بن الحكم بسهم فقتله ، فقال : لا اطلب بثأري بعد اليوم ، وذلك أن طلحة - فيما زعموا - كان ممن حاصر عثمان واستبد عليه ، ولا يختلف العلماء الثقات في أن مروان قتل طلحة يومئذ وكان في حزبه " (3) .
(1) الكامل في التاريخ - ج2 ص541
(2) الإصابة في التاريخ - ج3 ص292 (3) الاستيعاب - ج2 ص318
- ج1 ص 219 -
ثم قال القرطبي : " روى عبد الرحمن بن مهدي عن حماد بن زيد عن علي بن سعيد قال : قال طلحة يوم الجمل : ندمت ندامة الكسعي لما شريت رضا بني جرم برغم اللهم خذ مني لعثمان حتى ترضى " (1) .
قال البلاذري في ( أنساب الأشراف ) حدثني عبد الله بن صالح بن مسلم العجلي حدثني أبو أسامة عن إسماعيل بن حكيم قال : قال طلحة يوم الجمل : " إنا داهنا في أمر عثمان فلا نجد اليوم شيئا أفضل من بذل دماءنا فيه اللهم خذ لعثمان مني حتى ترضى " (2) .
وروى ابن عبد البر في ( الاستيعاب ) عن الجارود بن أبي سبرة ، قال : نظر مروان بن الحكم إلى طلحة بن عبيد الله يوم الجمل ، فقال : لا أطلب بثأري بعد اليوم ، فرماه بسهم فقتله .
وروى عن علي بن سعيد عن عمه ، قال : رمى مروان طلحة بسهم ، ثم التفت إلى أبان بن عثمان فقال : قد كفيناك بعض قتلة أبيك (3) .
بل أن ابن عبد البر ينقل في ( الاستيعاب ) في ترجمة طلحة خطبة لأمير المؤمنين علي عليه السلام حين نهوضه إلى الجمل يتهم فيها كل من عائشة وطلحة والزبير أنهم سفكوا دم عثمان ثم صاروا يتهمون عليا ويطالبون بدم عثمان .
قال : " ومن حديث صالح بن كيسان وعبد الملك بن نوفل بن مساحق والشعبي وابن أبي ليلى بمعنى واحد : أن عليا (رض) قال في خطبته حين نهوضه إلى الجمل : إن الله عز وجل فرض الجهاد وجعل نصرته وناصره وما صلحت دنيا ولا دين إلا به
(1) الاستيعاب - ج2 ص318
(2) أنساب الأشراف - ج10 ص126 (3) الاستيعاب - ج2 ص319
- ج1 ص 220 -
وإني بليت بأربعة : أدهى الناس ، وأسخاهم طلحة ، وأشجع الناس الزبير ، وأطوع الناس في الناس عائشة ، وأسرع الناس إلى فتنة يعلى بن أمية ، والله ما أنكروا علي شيئا منكرا ولا استأثرت بمال ولا ملت بهوى وإنهم ليطلبون حقا تركوه ، ودما سفكوه ، ولقد ولوه دوني وإن كنت شريكهم في الإنكار لما أنكروه وما تبعة عثمان إلا عندهم ، وإنهم لهم الفئة الباغية بايعوني ونكثوا بيعتي وما استأنوا بي حتى يعرفوا جوري من عدلي …" (1) .
روى البخاري في صحيحه عن عبيد الله بن عدي بن خيار " أنه دخل على عثمان بن عفان ( رض ) وهو محصور فقال : إنك إمام عامة ونزل بك ما ترى ويصلي لنا إمام فتنة ونتحرج … " (2) . فسمي الإمام الذي كان يصلي بالناس في ذاك الوقت إمام فتنة .
وروى الطبري أن طلحة كان يصلي بالناس أربعين ليلة وعثمان محصور قال : " حدثنا جعفر بن عبد الله المحمدي قال حدثنا عمرو وعلي قالا حدثنا حسين عن أبيه عن محمد بن إسحاق بن يسار المدني عن يحيي بن عباد عن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال : كتب أهل مصر بالسقيا … فحصروه أربعين ليلة وطلحة يصلي بالناس " (3) .
قال ابن كثير : والذي ذكره ابن جرير أن الذي كان يصلي بالناس في هذه المدة وعثمان محصور طلحة بن عبيد الله ، وروى الواقدي أن عليا صلى أيضا … ورواية الواقدي ساقطة لا اعتبار لها (4) .
(1) الاستيعاب - ج2 ص318
(2) صحيح البخاري - ج1 ص246
(3) تاريخ الطبري - ج3 ص404
(4) البداية والنهاية - ج7 ص198
- ج1 ص 221 -
* محمد بن أبي بكر
قال ابن حجر في ( الإصابة ) قال الطبراني : له صحبة وهو آخر من جاء من مصر في أثر عثمان (1) .
وروى الطبراني في ( المعجم الكبير ) (2) والهيثمي في ( مجمع الزوائد ) (3) من حديثا لعائشة تصرح فيه باشتراك أخيها محمد في الثورة مباشرة ، فعن أبي الأسود قال : سمعت طلق بن خشاف يقول : وفدنا إلى المدينة لننظر فيما قتل عثمان … فانطلقت حتى أتيت عائشة فسلمت عليها … فقلت لها : يا أم المؤمنين فيما قتل عثمان أمير المؤمنين ، قالت : قتل والله مظلوما لعن الله من قتله ، أقاد الله من ابن أبي بكر به ، وساق الله إلى أعين بني تميم هوانا في بيته ، وأراق الله دماء ابن بديل على ضلاله وساق الله إلى الأشتر سهما من سهامه " ، قال الهيثمي : رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير طلق وهو ثقة .
وقال في تاريخ أبو الفداء : " نزل عليه - عثمان - جماعة فيهم محمد بن أبي بكر فقتلوه " (4) .
ونقل الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) : " … ثم دخل عليه - يعني عثمان - محمد بن أبي بكر فقال : أنت قاتلي ، فقال : وما يدريك يا نعثل ، قال : لأنه أتى بك النبي … فوثب على صدره وقبض على لحيته ، فقال : إن تفعل كان يعز على أبيك أن تسوؤه ، قال : فوجأه في نحره بمشاقص كانت في يده " ، قال الهيثمي : رواه الطبراني وفيه سياف عثمان لم يسم وبقية رجاله وثقوا (5) .
(1) الإصابة - ج4 ص286
(2) المعجم الكبير - ج1 ص88
(3) مجمع الزوائد - ج9 ص97
(4) المختصر في تاريخ البشر - ج1 ص227 (5) مجمع الزوائد - ج9 ص94
- ج1 ص 222 -
وقد نقل الهيثمي في ( المجمع ) عن الحسن البصري تسمية محمد بن أبي بكر بالفاسق ، فقد روى عن قرة بن خالد قال : سمعت الحسن يقول : أخذ الفاسق محمد بن أبي بكر في شعب من شعاب مصر ، فأدخل في جوف حمار فأحرق ، رواه الطبراني ورجاله ثقات (1) .
وروى ابن كثير في تاريخه قال ابن خياط :حدثنا إسماعيل عن ابن عون عن الحسن عن وثاب قال : "جاء رويجل كأنه ذئب فاطلع من باب ورجع ، وجاء محمد بن أبي بكر في ثلاثة عشر رجلا فأخذ بلحيته فعال بها حتى سمعت وقع أضراسه فقال : ما أغنى عنك معاوية وما أغنى عنك ابن عامر وما أغنت عنك كتبك قال : أرسل لحيتي يا ابن أخي قال : فأنا رأيته استعدى رجلا من القوم بعينه - يعني أشار إليه - فقام بمشقص فوجى به رأسه قلت : ثم مه ؟ قال ثم تعاوروا عليه حتى قتلوه " (2).
وقال ابن كثير نقلا عن ابن عساكر :
" ودخل محمد بن أبي بكر وهو يظن أنه قد قتل فلما رآه قد أفاق ، قال : على أي دين أنت يا نعثل ، قال : على دين الإسلام ولست بنعثل فقال : غيرت كتاب الله ، فقال : كتاب الله بيني وبينكم ، فتقدم إليه وأخذ بلحيته ، وقال : إنا لا يقبل منا يوم القيامة أن نقول ( رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ ) وشطحه بيده من البيت إلى باب الدار ".
ثم قال ابن كثير : " ويروى أن محمد بن أبي بكر طعنه بمشاقص في أذنه حتى دخلت في حلقه ، والصحيح أن الذي فعل ذلك غيره ، وأنه استحى ورجع حين قال له عثمان : لقد أخذت بلحية كان أبوك يكرمها ، فتذمم من ذلك وغطى وجهه
(1) مجمع الزوائد - ج9 ص97
(2) البداية والنهاية - ج7 ص206
- ج1 ص 223 -
ورجع ، وحاجز دونه فلم يفد وكان أمر الله قدرا مقدورا وكان ذلك في الكتاب مسطورا " .
والغريب قول ابن كثير أن هذا هو الصحيح رغم كونه من رواية سيف بن عمر التميمي وهو كذاب مشهور ، قال النسائي : كذاب ، قال ابن حبان : يروي الموضوعات عن الإثبات ، اتهم بالزندقة .
ويقوي خبر مشاركة محمد بن أبي بكر في قتل عثمان ما ذكره ابن الجوزي في ( المنتظم ) : " كتب إليه معاوية إني لا أعلم أحدا كان أعظم على عثمان بلاءا منك فلا تظنن أني نائم عنك " (1) .
أما عن انتقام معاوية من ابن أبي بكر فقد ذكره ابن الجوزي في ( المنتظم ) عن طريق الزهري : "… فقال محمد : اسقوني من الماء ، فقال معاوية : لا سقاني الله إن سقيتك قطرة أبدا ، إنكم منعتم عثمان أن يشرب الماء حتى قتلتموه صائما ، أتدري ما أصنع بك ؟ أدخلك في جوف حمار ثم أحرقه بالنار ، فلما بلغ عائشة جزعت جزعا شديدا ، وقنتت في دبر كل صلاة تدعو على معاوية وعمرو … " (2) .
ولذلك واجهت أم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان أم المؤمنين عائشة بموقف غليظ قاس عند مقتل محمد بن أبي بكر كما ينقل ابن الجوزي في نفس الصفحة عن يزيد بن أبي حبيب قال : " بعث معاوية بن حديج بمولى له يقال له سليم إلى المدينة بشيرا بقتل محمد بن أبي بكر ومعه قميص محمد بن أبي بكر ودخل به دار عثمان ، فاجتمع إليه آل عثمان من رجال ونساء ، وأظهروا السرور بمقتله ، وأمرت أم حبيبة بنت أبي سفيان بكبش
(1) المنتظم - ج3 ص392
(2) نفس المصدر السابق - ج3 ص393
- ج1 ص 224 -
يشوى ، وبعثت بذلك إلى عائشة وقالت : هكذا شوي أخوك ، فلم تأكل عائشة شواءا حتى لحقت بالله عز وجل " .
وروى انتقام معاوية من محمد بن أبي بكر بجعله في بطن حمار وإحراقه الذهبي في ( تاريخ الإسلام ) القسم الخاص بتاريخ الخلفاء (1) .
* عبد الرحمن بن عديس
ذكر ابن حجر في ( الإصابة ) أنه صحب النبي (ص) وسمع منه وشهد فتح مصر وكان ممن بايع تحت الشجرة ، ثم كان رئيس الخيل التي سارت من مصر إلى عثمان في الفتنة ، فلما كانت الفتنة كان ابن عديس ممن أخره معاوية في الرهن فسجنه بفلسطين ، فهربوا من السجن فأدرك فارس ابن عديس فأراد قتله ، فقال له ابن عديس : ويحك اتق الله في دمي فإني من أصحاب الشجرة ، قال : الشجر بالجبل كثير ، فقتله (2) .
وذكره ابن عبد البر في ( الاستيعاب ) في ترجمته : " شهد الحديبية ، ممن بايع تحت الشجرة رسول الله (ص) ، هو كان الأمير على الجيش القادمين من مصر إلى المدينة الذين حصروا عثمان وقتلوه " (3) .
وروى ابن كثير في تاريخه : " قال أبو ثور الفقيمي : قدمت على عثمان فبينما أنا عنده فخرجت فإذا بوفد أهل مصر قد رجعوا ، فدخلت على عثمان فأعلمته ، قال : فكيف رأيتهم ، فقلت : رأيت في وجوههم الشر وعليهم ابن عديس البلوي فصعد ابن عديس منبر رسول الله فصلى بهم الجمعة وتنقص عثمان في خطبته … " (4) .
(1) تاريخ الإسلام - المجلد الخاص بتاريخ الخلفاء - ص601
(2) الإصابة - ج4 ص171
(3) الاستيعاب - ج2 ص383
(4) البداية والنهاية - ج7 ص203
- ج1 ص 225 -
* عمرو بن الحمق الخزاعي
ذكره ابن حجر في ( الإصابة ) قائلا : " قال : ابن السكن له صحبة ، وقال أبو عمر : هاجر بعد الحديبية ، وقيل : بل أسلم بعد حجة الوداع ، والأول أصح … وقد وقع في الكنى للحاكم أبي أحمد في ترجمة أبي داود المازني من طريق الأموي عن بن إسحاق ما يقتضي أن عمرو بن الحمق شهد بدرا … ، ثم كان ممن قام على عثمان مع أهلها … ، ذكر - ابن سكن - بسند جيد إلى أبي إسحاق السبيعي عن هنيدة الخزاعي قال : أول رأس أهدي في الإسلام رأس عمرو بن الحمق ، بعث به زياد إلى معاوية " (1) .
وروى ابن كثير في تاريخه نقلا عن ابن عساكر عن ابن عون : " أن كنانة بن بشر ضرب جبينه ومقدم رأسه بعمود حديد فخر لجنبيه وضربه سودان بن حمران المرادي بعد ما خر لجنبه فقتله ، وأما عمرو بن الحمق فوثب على عثمان فجلس على صدره وبه رمق فطعنه تسع طعنات وقال : أما ثل
قيل : أن ما يروى من أن قتلة عثمان بالدرجة الأولى هم الصحابة أنفسهم وفي مقدمتهم أم المؤمنين عائشة التي كانت تقول وتنادي بقتله وإباحة دمه على رؤوس الأشهاد : " اقتلوا نعثلا فقد كفر " هو من طريق سيف بن عمر التميمي وهو كذاب مشهور.
نقول : الكلام حول هذا الموضوع الأول أي قتلة عثمان يكون في محورين :
الأول : الناقمين المعترضين والمحرضين الذين ألبوا الناس على عثمان .
الثاني : المشاركين في قتل عثمان وحصاره .
فنقول : إن محاولة إبعاد الصحابة عن كونهم من المشاركين في الثورة وتأليب الناس ضد عثمان هو رد لمسلمات التاريخ ، ولذا لم ينكر ذلك مثل ابن كثير المعروف بتعصبه للصحابة في تاريخه بل أرسلها إرسال المسلمات ، وإليك بعض النصوص التي تتحدث عن دور الصحابة في تلك الفتنة .
فعن بداية الأزمة ودور بعض الصحابة قال ابن كثير في ( البداية والنهاية ) ( ما يوضع بين القوسين تلخيص للمطلب ) : " ثم دخلت سنة خمس وثلاثين ففيها مقتل عثمان وكان السبب في ذلك أن عمرو بن العاص حين عزله عثمان عن مصر وولى عليها عبد الله بن سعد بن أبي سرح ( بسبب شكوى الناس ) عزل عمرا عن الحرب وتركه على الصلاة وولى على
- ج1 ص 196 -
الحرب والخراج عبد الله بن سعد ثم سعوا فيما بينهما بالنميمة فوقع بينهما حتى كان بينهما كلام قبيح فأرسل عثمان فجمع لابن أبي سرح جميع عمالة مصر ( واستقدم عمرا إلى المدينة ) فانتقل عمرو بن العاص إلى المدينة وفي نفسه من عثمان أمر عظيم وشر كبير فكلمه فيما كان من أمره بنفسه وتقاولا في ذلك وافتخر عمرو بأبيه على عثمان وأنه كان أعز منه وجعل عمرو بن العاص يؤلب الناس على عثمان " (1) .
ثم ذكر دور كل من محمد بن أبي بكر ، محمد بن أبي حذيفة ، عمرو بن بديل ، عبد الرحمن بن عديس ، كنانة بن بشر ، سودان بن حمران .
ويتابع قائلا : " وكره أهل مصر عبد الله بن أبي سرح ونشأت طائفة من أبناء الصحابة يؤلبون الناس على حربه والإنكار عليه وكان عظم ذلك مسندا إلى محمد بن أبي بكر ومحمد بن أبي حذيفة حتى استنفرا نحوا من ستمائة راكب يذهبون إلى المدينة في صفة معتمرين في شهر رجب لينكروا على عثمان فساروا إليها تحت أربع رفاق ، وأمر الجميع إلى عمرو بن بديل بن ورقاء الخزاعي وعبد الرحمن بن عديس البلوي وكنانة بن بشر التجيبي وسودان بن حمران السكوني … فلما اقتربوا من المدينة أمر عثمان علي بن أبي طالب أن يخرج إليهم ليردهم إلى بلادهم … وأمره أن يأخذ معه عمار بن ياسر فقال علي لعمار فأبى أن يخرج معه فبعث عثمان سعد بن أبي وقاص أن يذهب إلى عمار ليحرضه على الخروج مع علي إليهم ، فأبى عمار كل الإباء وامتنع أشد الامتناع وكان متعصبا على عثمان بسبب تأديبه له فيما تقدم على أمر وضربه إياه في ذلك وذلك بسبب شتمه عباس بن عتبة بن أبي لهب ،
(1) البداية والنهاية - ج7 ص190
- ج1 ص 197 -
فأدبهما عثمان فتآمر عمار عليه لذلك وجعل يحرض الناس عليه فنهاه سعد بن أبي وقاص عن ذلك ولامه فلم يقع عنه ولم يرجع ولم ينزع " (1) . انتهى كلام ابن كثير .
رأي ابن تيمية في مشاركة الصحابة في قتل عثمان :
بل إن كلام ابن تيمية يشعر بأن من الصحابة من سعوا في التأليب على عثمان فقال في ( منهاج السنة ) : " وأما الساعون في قتله فكلهم مخطئون بل ظالمون باغون معتدون وإن قدر أن منهم من قد يغفر الله له " (2) ، فالحديث قطعا عن الصحابة المأجورين على خطئهم عندهم ، وإلا فإن غير الصحابة يحكم عليهم بالخروج عن إمام الزمان وبالميتة الجاهلية .
رأي الشيخ الذهبي في مشاركة الصحابة في قتل عثمان :
وقد ذكر مثل ذلك ابن كثير في تعليق الشيخ الذهبي ورأيه فيمن قتل الخليفة عثمان ( البداية والنهاية ) : " وقال شيخنا أبو عبد الله الذهبي في آخر ترجمة عثمان وفضائله -بعد حكايته هذا الكلام : الذين قتلوه أو ألبوا عليه قتلوا إلى عفو الله ورحمته والذين خذلوه خذلوا وتنغص عيشهم … " (3) .
(1) البداية والنهاية - ج7 ص191
(2) منهاج السنة - ج3 ص206 (3) البداية والنهاية - ج7 ص222
- ج1 ص 198 -
فكيف يكون مصير قتلة عثمان إلى عفو الله ورحمته في رأي الشيخ الذهبي إلا إذا كانوا من الصحابة الذين يطبق عليهم قاعدة " من اجتهد فأخطأ فله أجر ومن اجتهد فأصاب فله أجران " .
حديث مناشدة عثمان للصحابة الذين منعوه الماء :
ومما يدل أيضا على أن المحرضين على عثمان والمألبين كانوا من الصحابة ما نقله الترمذي من أن عثمان كان يناشد من سمع رسول الله (ص) يذكر فضائله ، فلا بد أن يكون من يخاطبهم عثمان ويناشدهم بقوله " هل تعلمون أن رسول الله قال … " وخطابه بعد ذلك " تمنعوني "
مع الصحابة : روى الترمذي في سننه عن ثمامة بن حزن القشيري قال : شهدت الدار حين أشرف عليهم عثمان فقال : ائتوني بصاحبيكم اللذين ألباكم علي ، قال : فجيء بهما فكأنهما جملان أو كأنهما حماران ، قال : فأشرف عليهم عثمان فقال : أنشدكم بالله والإسلام هل تعلمون أن رسول الله (ص) قدم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة فقال : من يشتري بئر رومة فيجعل دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة فاشتريتها من صلب مالي فأنتم اليوم تمنعوني أن أشرب منها حتى أشرب من ماء البحر ؟ قالوا : اللهم نعم قال : أنشدكم بالله والإسلام هل تعلمون أن المسجد ضاق بأهله فقال رسول الله (ص) : من يشتري بقعة آل فلان فيزيدها في المسجد بخير منها في الجنة ، فاشتريتها من صلب مالي فأنتم اليوم تمنعوني أن أصلي فيها ركعتين ؟ قالوا : اللهم نعم ، قال : أنشدكم بالله والإسلام هل تعلمون أني جهزت جيش العسرة من مالي ؟ قالوا : اللهم نعم ، ثم قال : أنشدكم بالله والإسلام هل تعلمون أن رسول الله (ص) كان على ثبير مكة ومعه أبو بكر وعمر وأنا فتحرك الجبل حتى
- ج1 ص 199 -
تساقطت حجارته بالحضيض قال : فركضه برجله وقال : أسكن ثبير فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان ؟ قالوا : اللهم نعم ، قال : الله أكبر شهدوا لي ورب الكعبة أني شهيد ثلاثا .
قال أبو عيسى هذا حديث حسن وقد روي من غير وجه عن عثمان (1) ، وقال الشيخ الألباني : حسن .
وقد روى الرواية أحمد في مسنده - مع تصريح بأن طلحة ضمن المحاصرين له والمناشدة لطلحة - عن زيد بن أسلم عن أبيه قال : " شهدت عثمان يوم حوصر في موضع الجنائز ولو ألقي حجر لم يقع إلا على رأس رجل ، فرأيت عثمان أشرف من الخوخة التي تلي مقام جبريل عليه السلام ، فقال : أيها الناس أفيكم طلحة ؟ فسكتوا ، ثم قال : أيها الناس أفيكم طلحة ؟ فسكتوا ، ثم قال أيها الناس أفيكم طـلحة ؟ فسكتوا ، ثم قال : أيها الناس أفيكم طلحة ؟ فقام طلحة بن عبيد الله فقال له عثمان : ألا أراك ها هنا ؟ ما كنا أرى أنك تكون في جماعة تسمع ندائي آخر ثلاث مرات ثم لا تجيبني ، أنشدك الله يا طلحة تذكر يوم كنت أنا وأنت مع رسول الله (ص) في موضع كذا وكذا … " (2) .
وروى الحاكم في ( المستدرك ) عن زيد بن أسلم عن أبيه قال : شهدت عثمان يوم حصر في موضع الجنائز ، فقال : أنشدك الله يا طلحة أتذكر يوم كنت أنا وأنت مع رسول الله (ص) في مكان كذا وكذا وليس معه من أصحابه غيري وغيرك فقال لك يا
(1) سنن الترمذي - ج5 ص627
(2) مسند أحمد - ج1 ص556 ح 552
- ج1 ص 200 -
طلحة : إنه ليس من نبي إلا وله رفيق من أمته معه في الجنة وأن عثمان رفيقي ومعي في الجنة فقال طلحة : اللهم نعم ، قال : ثم انصرف طلحة (1) .
كما قال ابن حجر في ( الإصابة ) : " وجاء من طرق شهيرة صحيحة عن عثمان لما أن حصروه أنشد الصحابة في أشياء منها تجهيزه جيش العسرة ومنها مبايعة النبي تحت الشجرة لما أرسله إلى مكة ومنها شراؤه بئر رومة وغير ذلك " (2) .
ومما سبق يتضح الرد على من يحاول إنكار أن طلحة ومحمد بن أبي بكر كانوا ممن حاصروا عثمان ومنعوه من شرب الماء ليجبروه على الاستقالة .
ففي رواية الترمذي التي ذكرناها سابقا يناشد عثمان من سمع رسول الله (ص) يذكر فضائله ، فيفترض أن يكونوا من الصحابة ، ثم من سياق الرواية يتضح أن هناك محرضين أساسيين .
" قال عثمان : ائتوني بصاحبيكم اللذين ألباكم علي ، قال : فجيء بهما فكأنهما جملان أو كأنهما حماران … " .
وقال المالقي في ( مقتل الشهيد عثمان ) : " أشرف على الناس وهو محصور فقال : من يعذرني في هذين الرجلين اللذين ألبا علي الناس ، يحتمل أن يريد بالرجلين طلحة والزبير فإنهما كانا في جملة الذين تكلموا في شأن عثمان (رض) ، ثم بان لهما الحق فانصرفا عنه وندما على ذلك ولهذا قال طلحة لما طعن : اللهم خذ لعثمان مني حتى ترضى " (3) .
(1) المستدرك على الصحيحين - ج3 ص97
(2) الإصابة - ج3 ص223 (3) مقتل الشهيد عثمان - ج2 ص167
- ج1 ص 201 -
وقد روى الطبري في تاريخه عن حكيم بن جابر قال : قال علي لطلحة : " أنشدك بالله إلا رددت الناس عن عثمان ، قال : لا والله حتى تعطي بنو أمية الحق من أنفسها " (1) .
ويؤيد ذلك ما ذكره ابن الأثير في تاريخه ( الكامل ) : " … فلما قدم علي أتاه عثمان وقال له : أما بعد فإن لي حق الإسلام وحق الإخاء والقرابة والصهر ولو لم يكن من ذلك شيء وكنا في الجاهلية لكان عارا على بني عبد مناف أن ينتزع أخو بني تيم يعني طلحة أمرهم ، فقال له علي : سيأتيك الخبر ثم خرج إلى المسجد … حتى دخل دار طلحة وهو في خلوة من الناس فقال له : يا طلحة ما هذا الأمر الذي وقعت فيه ؟… " (2) .
وستجد عند الحديث عن دور طلحة في الحصار روايات أخرى تؤكد دور طلحة في التأليب على عثمان .
أصحاب النبي (ص) بالمدينة يطلبون إقامة دين محمد (ص) :
روى الطبري عن عبد الرحمن بن يسار قال : " لما رأى الناس ما صنع عثمان كتب من بالمدينة من أصحاب النبي (ص) إلى من بالآفاق منهم وكانوا قد تفرقوا في الثغور أنكم إنما خرجتم أن تجاهدوا في سبيل الله عز وجل تطلبون دين محمد (ص) فإن دين محمد قد أفسد من خلفكم وترك فهلموا فأقيموا دين محمد (ص) فأقبلوا من كل أفق حتى قتلوه " (3) ومتن الخبر صريح في المطلوب .
(1) تاريخ الطبري - ج3 ص433
(2) الكامل - ج2 ص535 (3) تاريخ الطبري - ج3 ص400
- ج1 ص 202 -
وذكر الطبري موقفا لعثمان مع عبد الله بن عامر يظهر موقف الصحابة من عثمان : عن العلاء بن عبد الله بن زيد العنبري أنه قال : " اجتمع ناس من المسلمين فتذاكروا أعمال عثمان وما صنع فاجتمع رأيهم على أن يبعثوا إليه رجلا يكلمه ويخبره بأحداثه ، فأرسلوا إليه عامر بن عبد الله التميمي ثم العنبري وهو الذي يدعى عامر بن عبد قيس ، فأتاه فدخل عليه فقال له : إن ناسا من المسلمين اجتمعوا فنظروا في أعمالك فوجدوك قد ركبت أمورا عظاما فاتق الله عز وجل وتب إليه وانزع عنها ، قال له عثمان : انظر إلى هذا فإن الناس يزعمون انه قارئ ثم هو يجيء فيكلمني في المحقرات فوالله ما يدري أين الله ، قال عامر أنا لا ادري أين الله ؟ قال : نعم والله ما تدري أين الله ، قال عامر : بلى والله إني لأدري أن الله بالمرصاد لك " (1) .
وذكر السيوطي في ( تاريخ الخلفاء ) : " أخرج عن أبي الطفيل عامر ابن واثلة الصحابي أنه دخل على معاوية ، فقال له معاوية : ألست من قتلة عثمان ؟ قال : لا ، ولكني ممن حضره فلم ينصره ، قال : وما منعك من نصره ؟ قال : لم تنصره المهاجرون والأنصار، فقال معاوية : أما لقد كان حقا واجبا عليهم أن ينصروه ، قال : فما منعك يا أمير المؤمنين من نصره ومعك أهل الشام ؟ فقال معاوية : أما طلبي بدمه نصرة له ؟ فضحك أبو الطفيل ثم قال : أنت وعثمان كما قال الشاعر : لا ألفينك بعد الموت تندبني وفي حياتي ما زودتني زادا " (2)
وفي كتاب ( السنة ) لابن خلال " أخبرنا عبد الله بن أحمد قال :حدثني أبي قال : قال سفيان : أهل المدينة لما وثبوا على عثمان فقتلوه قال لهم سعد : أمعاوية خير
(1) تاريخ الطبري - ج3 ص372
(2) تاريخ الخلفاء - ص200
- ج1 ص 203 -
عندكم من عثمان ؟ قالوا : بل عثمان قال : فلا تقتلوه ، قالوا : نكله إلى الله ، قال : كذبة والله " (1) .
والشاهد فيه قوله " أهل المدينة لما وثبوا على عثمان فقتلوه … " .
وممن خذل عثمان من الصحابة أبو حميد أخو بني ساعدة فقد ذكر ابن كثير في تاريخه : " وكان ممن شهد بدرا وكان ممن جانب عثمان فلما قتل قال : والله ما أردنا قتله ولا كنا نرى أن يبلغ منه القتل " (2) .
هذا وقد صرح ابن كثير في تاريخه بما هو إقرار بتأليب الصحابة على عثمان فقال : " إن قال قائل كيف وقع قتل عثمان ( رض ) بالمدينة وفيها جماعة من كبار الصحابة (رض) ؟ فجوابه من وجوه أحدها أن كثيرا منهم بل أكثرهم أو كلهم لم يكن يظن أنه يبلغ الأمر إلى قتله … " (3) .
ولكن يرده ما ذكره ابن حجر في ( فتح الباري ) في اعتزال الأحنف بن قيس القتال في حرب الجمل من أن قتل عثمان كان أمرا متوقعا عند كبار الصحابة : " فأخرج الطبري بسند صحيح عن حصين بن عبد الرحمن عن عمرو بن جاوان قال : قلت : أرأيت اعتزال الأحنف ما كان ؟ قال : سمعت الأحنف قال : حججنا فإذا الناس مجتمعون في وسط المسجد - يعني النبوي - وفيهم علي والزبير وطلحة وسعد إذ جاء عثمان فذكر قصة مناشدته لهم في ذكر مناقبه ، قال الأحنف فلقيت طلحة والزبير فقلت : إني لا أرى هذا الرجل - يعني عثمان - إلا مقتولا ، فماذا تأمراني به ؟ قالا : علي ، فقدمنا مكة فلقيت عائشة وقد بلغنا قتل عثمان فقلت لها : من تأمريني
(1) السنة لابن خلال - ص322 حديث 410
(2) البداية والنهاية - ج7 ص217 (3) نفس المصدر السابق - ص220
- ج1 ص 204 -
به ؟ قالت : علي ، فرجعنا إلى المدينة فبايعت عليا ورجعت إلى البصرة فبينما نحن كذلك إذ أتاني آت فقال : هذه عائشة وطلحة والزبير نزلوا بجانب الخريبة يستنصرون بك ، فأتيت عائشة فذكرتها بما قالت لي ، ثم أتيت طلحة والزبير فذكرتهما القصة وفيها قلت : والله لا أقاتلكم ومعكم أم المؤمنين وحواري رسول الله (ص) ، ولا أقاتل رجلا أمرتموني ببيعته ، فاعتزل القتال " (1) .
ففي قوله " إني لا أرى هذا الرجل - يعني عثمان - إلا مقتولا فماذا تأمراني به ؟ قالا : علي …" دليل على أن الأمر كان متوقعا عند كبار الصحابة لا خافيا كما ذكر ابن كثير .
المشاركون في التحريض على عثمان من الصحابة
* أم المؤمنين عائشة
ما نقله عبد الرزاق الصنعاني في ( المصنف ) عن عروة قال : دخلت على عائشة أنا وعبيد الله بن عدي بن الخيار فذكرت عثمان فقالت : " يا ليتني كنت نسيا منسيا والله ما انتهكت من عثمان شيئا إلا وقد انتهك مني مثله حتى لو أحببت قتله لقتلت " (2) ، وإن كانت هناك أدلة دلت على أنها أمرت بالقتل لا أنها أحبت فقط ، المهم أن النص بهذا المقدار اعتراف منها إنها انتهكت عثمان ، ورجال سند الصنعاني موثقون .
(1) فتح الباري - ج13 ص35
(2) المصنف للصنعاني - ج11 ص447
- ج1 ص 205 -
وقال أبو الفداء في تاريخه : " كانت عائشة تنكر على عثمان مع من ينكر عليه وكانت تخرج قميص رسول الله وشعره وتقول : هذا قميصه وشعره لم يبل وقد بلي دينه " (1) .
ثم اعتزالها الفتنة وخروجها إلى مكة بعد ما جرى على أم المؤمنين أم حبيبة وعدم نصرتها عثمان جلية في رواية ابن كثير قال : " وجاء وقت الحج فخرجت أم المؤمنين عائشة في هذه السنة إلى الحج ، فقيل لها : إنك لو أقمت كان أصلح لعل هؤلاء القوم يهابونك ، فقالت : إني أخشى أن أشير عليهم برأي فينالني منهم من الأذية ما نال أم حبيبة فعزمت على الخروج " (2)
وفي ( الطبقات الكبرى ) لابن سعد عند ترجمة مروان بن الحكم ، يذكر كلام مروان وزيد بن ثابت وعبد الرحمن بن عتاب لعائشة عند خروجها من مكة طالبين منها البقاء ، فقالوا : " يا أم المؤمنين لو أقمت فإن أمير المؤمنين على ما ترين محصور ومقامك مما يدفع الله به عنه ، فقالت : قد حلبت ظهري وعريت غرائزي ولست أقدر على المقام ، فأعادوا عليها الكلام ، فأعادت عليهم مثل ما قالت ، فقام مروان وهو يقول :
وحـرق قيس علي البـلاد حتى إذا استعـرت أجذمـا
فقالت عائشة : أيها المتمثل علي بالأشعار وددت والله أنك وصاحبك هذا الذي يعنيك أمره في رجل كل واحد منكما رحا وإنكما في البحر وخرجت إلى مكة " (3) .
(1) المختصر في أخبار البشر - ج1 ص239
(2) البداية والنهاية - ج7 ص209
(3) الطبقات الكبرى - ج3 ص292
- ج1 ص 206 -
وروى أحمد بن حنبل في مسنده عن عبد الله بن قيس أن النعمان ابن بشير حدثه قال : " كتب معي معاوية إلى عائشة ، قال : فقدمت على عائشة فدفعت إليها كتاب معاوية ، فقالت : يا بني ألا أحدثك بشيء سمعته من رسول الله (ص) ، قلت : بلى ، قالت : فإني كنت أنا وحفصة يوما من ذاك عند رسول الله (ص) ، فقال : لو كان عندنا رجل يحدثنا ، فقلت : يا رسول الله ألا أبعث لك إلى أبي بكر فسكت ثم قال : لو كان عندنا رجل يحدثنا فقالت حفصة : ألا أرسل لك إلى عمر فسكت ثم قال : لا ، ثم دعا رجلا فساره بشيء ، فما كان إلا أن أقبل عثمان فأقبل عليه بوجهه وحديثه فسمعته يقول له : ( يا عثمان إن الله عز وجل لعله أن يقمصك قميصا فان أرادوك على خلعه فلا تخلعه ) ثلاث مرار ، قال : فقلت يا أم المؤمنين فأين كنت عن هذا الحديث ، فقالت : يا بني والله لقد أنسيته حتى ما ظننت أني سمعته " (1) .
ونقل خليفة بن خياط في تاريخه قولا لمسروق يؤيد الروايات السابقة قال مسروق : " قالت عائشة : تركتموه كالثوب النقي من الدنس ، ثم قربتموه تذبحونه كما يذبح الكبش ، قال مسروق : فقلت : هذا عملك كتبت إلى الناس تأمرينهم بالخروج عليه ، فقالت عائشة : والذي آمن به المؤمنون وكفر به الكافرون ما كتبت إليهم بسواد في بياض حتى جلست مجلسي هذا ، قال الأعمش : فكانوا يرون أنه كتب على لسانها " (2) .
رواه ابن كثير في تاريخه وقال : وهذا إسناد صحيح إليها (3) .
(1) مسند أحمد - ج42 ص84
(2) تاريخ خليفة بن خياط - ص104 (3) البداية والنهاية - ج7 ص218
- ج1 ص 207 -
وأما ما أنكره من قول أم المؤمنين عائشة عن عثمان " اقتلوا نعثلا فقد كفر " .
فقد ذكره ابن الأثير في كتابه ( النهاية في غريب الأثر ) : " في مقتل عثمان لا يمنعك مكان ابن سلام أن تسب نعثلا كان أعداء عثمان يسمونه نعثلا تشبيها برجل من مصر كان طويل اللحية اسمه نعثل ، وقيل النعثل الشيخ الأحمق وذكر الضباع ومنه حديث عائشة : اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا تعني عثمان وهذا كان منها لما غاضبته وذهبت إلى مكة " (1) .
وذكره ابن أعثم في ( الفتوح ) عند ذكر خروج عائشة إلى الحج قال : " وكانت عائشة تحرض على قتل عثمان جهدها وطاقتها ، وتقول : أيها الناس هذا قميص رسول الله (ص) لم يبل وبليت سنته ، اقتلوا نعثلا ، قتل الله نعثلا " (2) ، وذكره ابن منظور في ( لسان العرب ) مادة نعثل .
* الزبير بن العوام
قال ابن حجر في ( فتح الباري ) باب ما جاء في قول الله تعالى ( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ) ، قلت : ورد فيه ما أخرجه أحمد والبزار من طريق مطرف بن عبد الله بن الشخير قال : " قلنا للزبير - يعني في قصة الجمل - يا أبا عبد الله ما جاء بكم ؟ ضيعتم الخليفة الذي قتل - يعني عثمان - بالمدينة ثم جئتم تطالبون بدمه - يعني بالبصرة - فقال الزبير : إنا قرأنا على عهد رسول الله (ص) واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ، لم نكن نحسب أنا أهلها حتى وقعت منا حيث وقعت " (3) .
(1) النهاية في غريب الأثر - ج5 ص68
(2) الفتوح - ج1 ص 420 (3) فتح الباري - ج13 ص4
- ج1 ص 208 -
ذكره الذهبي في ( تاريخ الإسلام ) تاريخ الخلفاء (1) ، وفي الحاشية قال المحقق : " رواه أحمد في مسنده بسند حسن ج1 ص165 ، وذكره ابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق ج5 ص367 ، والسيوطي في الدر المنثور ج3 ص177 ونسبه إلى أحمد والبزار وابن المنذر وابن مردويه وابن عساكر وذكره الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) ج7 ص27 وقال : رواه أحمد بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحاح " .
* عمرو بن العاص
تقدم ذكر ما يدل على ذلك عند نقل ما ذكره ابن كثير في ( البداية والنهاية ) في أول أحداث عام 35 ، ومن النصوص الأخرى ما ذكره ابن الأثير في ( الكامل ) : " … وخرج عمرو بن العاص إلى منزله بفلسطين وكان يقول : والله إني كنت لألقى الراعي فأحرضه على عثمان ، وأتى عليا وطلحة والزبير فحرضهم على عثمان … ثم مر راكب آخر فسأله قال : قتل عثمان فقال عمرو : أنا أبو عبد الله إذا حككت قرحة نكأتها … " (2) .
ونقل الذهبي في ( تاريخ الإسلام ) الجزء المتعلق بتاريخ الخلفاء تذكير ابن عباس لمعاوية وعمرو بن العاص بدورهم في فتنة عثمان فقال : " أما أنت يا معاوية فزينت له ما كان يصنع حتى إذا طلب منك نصرك أبطأت عنه وأحببت قتله ، وأما أنت يا عمرو فأضرمت المدينة عليه " (3) .
نقل ذلك ابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) (4) .
(1) تاريخ الإسلام - المجلد الخاص بتاريخ الخلفاء - ص504
(2) الكامل - ج2 ص533
(3) تاريخ الإسلام - المجلد الخاص بتاريخ الخلفاء - ص95
(4) تاريخ دمشق - ج13 ص263
- ج1 ص 208 -
وروى ابن عبد البر في ( الاستيعاب ) في ترجمة عمرو بن العاص قال : " وحدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبيه عن جده علقمة بن وقاص أن عمرو بن العاص قام إلى عثمان وهو يخطب بالناس فقال : يا عثمان ، إنك قد ركبت بالناس المهامة وركبوها منك ، فتب إلى الله عز وجل وليتوبوا ، قال : فالتفت إليه عثمان فقال : وإنك لهناك يا ابن النابغة ، ثم رفع يديه واستقبل القبلة وقال : أتوب إلى الله ، اللهم إني أول تائب إليك " (1) .
وذكر ابن الأثير في ( أسد الغابة ) عند ترجمة عمرو بن العاص : " وكان يأتي إلى المدينة أحيانا وكان يطعن على عثمان " (2) .
* عبد الرحمن بن عوف
روى الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) ما يدل على وجود الجفوة بين عبد الرحمن وعثمان ، فعن سعيد بن المسيب قال : رفع عثمان صوته على عبد الرحمن بن عوف فقال له : لأي شيء ترفع صوتك علي ؟ وقد شهدت بدرا ولم تشهد ، وبايعت رسول الله ولم تبايع ، وفررت يوم أحد ولم أفر … ، قال الهيثمي : رواه البزار وإسناده حسن وقد تقدمت له طريق في هذا الباب غيره " (3) .
وروى أحمد بن حنبل في مسنده : عن عاصم عن شقيق قال : لقي عبد الرحمن بن عوف الوليد بن عقبة ، فقال له الوليد : ما لي أراك قد جفوت أمير المؤمنين عثمان ،
(1) الاستيعاب - ج3 ص158
(2) أسد الغابة - ج3 ص742 (3) مجمع الزوائد - ج9 ص84
- ج1 ص 210 -
فقال له عبد الرحمن : أبلغه أني لم أفر يوم عينين ، قال عاصم : يقول يوم أحد ، ولم أتخلف يوم بدر ، ولم أترك سنة عمر ، وعلق عليه المحقق بقوله إسناده حسن (1) .
ونقل الطبراني نحوا منه بنفس الإسناد .
وقال محقق الكتاب حمدي السلفي : " ورواه أحمد وابنه عبد الله وأبو يعلى والبزار كما في ( مجمع الزوائد ) ج7 ص226 وهو حديث صحيح كما قال أحمد محمد شاكر ، وذكره الهيثمي وقال : وفيه عاصم بن بهدلة وهو حسن الحديث وبقية رجاله ثقات " (2) .
وروى البلاذري في ( أنساب الأشراف ) عن إبراهيم بن سعد عن أبيه أن عبد الرحمن أوصى أن لا يصلي عليه عثمان ، فصلى عليه الزبير ، أو سعد بن أبي وقاص (3) .
* عبد الله بن مسعود
ذكر الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) : عن كلثوم الخزاعي قال : قال عبد الله بن مسعود : ما يسرني أني رميت عثمان بسهم أخطأه ، أحسبه قال أريد قتله وإن لي مثل أحد ذهبا (4) .
وينقل أحمد في مسنده عن أبي عون الأنصاري أن عثمان بن عفان (رض) قال لابن مسعود : " هل أنت منته عما بلغني عنك ؟ فاعتذر بعض العذر… " (5) .
وروى ابن عبد البر القرطبي في ( الاستيعاب ) في ترجمة عبد الله بن مسعود عن زيد بن وهب قال : " لما بعث عثمان إلى عبد الله بن مسعود يأمره بالخروج إلى المدينة
(1) مسند أحمد - ج1 ص525 ح490
(2) المعجم الكبير - ج7 ص226
(3) أنساب الأشراف - ج6 ص172
(4) مجمع الزوائد - ج9 ص93 (5) مسند أحمد - ج1 ص518 ح479
- ج1 ص 211 -
اجتمع الناس إليه ، وقالوا : أقم ولا تخرج ، ونحن نمنعك أن يصل إليك شيء تكرهه منه فقال لهم عبد الله : إن له علي طاعة وإنها ستكون أمور وفتن ، لا أحب أن أكون أول من فتحها " (1) .
* عمار بن ياسر
من أشهر الناقمين المحرضين الناس على عثمان كما نقلنا سابقا عن تاريخ ابن كثير : " فبعث عثمان سعد بن أبي وقاص أن يذهب إلى عمار ليحرضه على الخروج مع علي إليهم ، فأبى عمار كل الإباء وامتنع أشد الامتناع ، وكان متعصبا على عثمان بسبب تأديبه له فيما تقدم على أمر وضربه إياه في ذلك وذلك بسبب شتمه عباس بن عتبة بن أبي لهب ، فأدبهما عثمان فتآمر عمار عليه لذلك وجعل يحرض الناس عليه فنهاه سعد بن أبي وقاص عن ذلك ولامه ، فلم يقع ( يقلع ) عنه ولم يرجع ولم ينزع " (2) .
وذكر الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) عن علقمة بن وقاص قال : " اجتمعنا في دار مخرمة بعدما قتل عثمان نريد البيعة ، فقال أبو جهم بن حذيفة : إنا من بايعنا منكم فإنا لا نحول دون قصاص ، فقال عمار : أما من دم عثمان فلا ، فقال أبو جهم : الله يا ابن سمية الله لتقادن من جلدات جلدتها ولا يقادن من دم عثمان ، فانصرفنا يومئذ من غير بيعة " ، قال الهيثمي : رواه الطبراني ورجاله وثقوا (3) .
(1) الاستيعاب - ج3 ص115
(2) البداية والنهاية - ج7 ص191 (3) مجمع الزوائد - ج9 ص98
- ج1 ص 212 -
وروى البلاذري في ( أنساب الأشراف ) : عن أبي الغادية قاتل عمار قال : " إنا كنا نعد عمار بن ياسر فينا حنانا ، فبينا أنا في مسجد قباء إذ هو يقول : إن نعثلا هذا… ، يعني عثمان ، فقلت : لو أجد عليه أعوانا لوطئته حتى أقتله … " (1) .
وذكره الهيثمي في ( المجمع ) عن كلثوم بن جبر قال أبوغادية : " سمعته يوما في مسجد قباء يقع في عثمان فلو خلصت إليه لوطئته برجلي " ، قال الهيثمي : رواه كله الطبراني وعبد الله باختصار ورجال أحد إسنادي الطبراني رجال الصحيح (2) .
وينقل شتم عمار لعثمان أحمد بن حنبل في مسنده (3) وتاريخ المدينة (4) والذهبي في ( تاريخ الإسلام ) القسم المتعلق بتاريخ الخلفاء (5) .
وروى الحاكم في ( مستدرك الصحيحين ) عن رسول الله (ص) قوله في عمار : " ما عرض على ابن سمية أمران قط إلا اختار بالأرشد منهما " (6) وقوله (ص) : " من يسب عمار يسبه الله ومن يعاد عمار يعاده الله " (7) ، وقوله (ص) : " دوروا مع كتاب الله حيث دار وانظروا الفئة التي فيها ابن سمية فإنه يدور مع كتاب الله حيثما دار " ( .
* أبو ذر الغفاري
روى البخاري في كتاب العلم باب قول النبي (ص) رب مبلغ أوعى معلقا قول أبي ذر : " لو وضعتم الصمصامة على هذه - وأشار إلى قفاه - ثم ظننت أني أنفذ كلمة سمعتها من النبي (ص) قبل أن تجيزوا علي لأنفذتها " (9) .
(1) أنساب الأشراف - ج1 ص196
(2) مجمع الزوائد - ج9 ص298
(3) مسند أحمد - ج4 ص76 ، 198
(4) تاريخ المدينة - ج3 ص1102
(5) تاريخ الإسلام المجلد الخاص بتاريخ الخلفاء ص434
(6) المستدرك على الصحيحين - ج3 ص438
(7) نفس المصدر السابق - ص439
( نفس المصدر السابق - ص443
(9) صحيح البخاري - ج1 ص27
- ج1 ص 213 -
قال ابن حجر في ( الفتح ) : " هذا تعليق رويناه موصولا في مسند الدارمي وغيره من طريق الأوزاعي حدثني أبو كثير - يعني مالك بن مرثد - عن أبيه قال : أتيت أبا ذر وهو جالس عند الجمرة الوسطى وقد اجتمع عليه الناس يستفتونه فأنتاه رجل فوقف عليه ثم قال : ألم تنه عن الفتيا ؟ فرفع رأسه إليه فقال : أرقيب أنت علي ؟ لو وضعتم … فذكر مثله ، ورويناه في الحلية من هذا الوجه وبين أن الذي خاطبه رجل من قريش ، وأن الذي نهاه عن الفتيا عثمان ( رض ) وكان سبب ذلك أنه كان بالشام فاختلف مع معاوية في تأويل قوله تعالى ( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ) … فحصلت منازعة أدت على انتقال أبي ذر عن المدينة فسكن الربذة … إلى أن مات رواه النسائي " (1) .
وأما ابن عبد البر فقد قال في ( الاستيعاب ) : " ثم استقدمه عثمان - من الشام - لشكوى معاوية به وأسكنه الربذة " (2) .
وروى البلاذري في ( أنساب الأشراف ) عن قتادة قال : تكلم أبو ذر بشيء كرهه عثمان فكذبه ، فقال : ما ظننت أن أحدا يكذبني بعد قول رسول الله (ص) : " ما أقلت الغبراء ولا أطبقت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر " ، ثم سيره إلى الربذة … فقال : "ردني عثمان بعد الهجرة أعرابيا " (3) .
(1) فتح الباري - ج1 ص161
(2) الاستيعاب - ج1 ص321 (3) أنساب الأشراف - ج6 ص168
- ج1 ص 214 -
* محمد بن أبي حذيفة
قال الذهبي في ( سير الأعلام ) عن محمد بن أبي حذيفة : " وكان من أشد الناس تأليبا على عثمان ، خدعه معاوية وسجنه " (1) .
وروى الطبراني في ( المعجم الكبير ) ، عن محمد بن سيرين " أن محمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة وكعبا ركبا سفينة في البحر فقال : يا كعب أما تجد سفينتنا هذه في التوراة كيف تجري ؟ فقال : لا ولكن أجد فيها رجلا أشقى الفتية من قريش ينزو في الفتنة كما ينزو الحمار لا تكن أنت هو ، قال ابن سيرين : فزعموا أنه كان هو " (2) ، ذكره الهيثمي في ( المجمع ) وقال : رجاله رجال الصحيح (3) .
* جهجاه الغفاري
قال ابن حجر في ( الإصابة ) في ترجمة جهجاه : " شهد بيعة الرضوان بالحديبية وعاش إلى خلافة عثمان " (4) .
وقال ابن جرير الطبري في تاريخه : حدثنا أحمد بن إبراهيم ثنا عبد الله بن إدريس عن عبيد الله بن عمر عن نافع أن جهجاه الغفاري أخذ عصا كانت في يد عثمان فكسرها على ركبته (5) .
وحديث جهجاه هذا ذكره ابن أبي شيبة في ( المصنف ) عن عبد الله بن إدريس عن عبد الله بن عمر عن نافع (6) .
وذكر ذلك ابن حجر في ( الإصابة ) : " روى البارودي عن طريق الوليد بن مسلم عن مالك وغيره عن نافع عن ابن عمر قال : قام جهجاه الغفاري إلى عثمان وهو
(1) سير أعلام النبلاء - ج1 ص165
(2) المعجم الكبير - ج1 ص83
(3) مجمع الزوائد - ج7 ص231
(4) الإصابة - ج1 ص265 (5) تاريخ الطبري - ج3 ص400
(6) مصنف لابن أبي شيبة - ج7 ص488
- ج1 ص 215 -
على المنبر فأخذ عصاه فكسرها … ، ورواه ابن السكن من طريق سليمان بن بلال وعبيد الله بن إدريس عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مثله ، ورواه من طريق فليح بن سليمان عن عمته عن أبيها وعمها أنهما حضرا عثمان ، قال : فقام إليه جهجاه بن سعيد بالقضيب من يده فوضعها على ركبته فكسرها فصاح به الناس ونزل عثمان فدخل داره … قال : ورويناه في المحامليات من طريق حماد بن زيد عن يزيد بن حازم عن سليمان بن يسار أن جهجاه الغفاري نحو الأول " (1) .
وذكر ذلك الذهبي في ( تاريخ الإسلام ) في أحداث عام 37 ، عند ذكر جهجاه (2) .
وقال ابن عبد البر في ( الاستيعاب ) : " هو الذي تناول العصا من يد عثمان ( رض ) وهو يخطب فكسرها على ركبته " (3) .
* أعين بن ضبيعة
ذكره ابن حجر في ( الإصابة ) من الصحابة ، وذكر أنه أبو امرأة الفرزذق .
وقد ذكر ضمن الناقمين في ( مجمع الزوائد ) : عن عباد بن أزهر أبي رواع قال سمعت عثمان يخطب : قال : إنا والله قد صحبنا رسول الله (ص) في السفر والحضر … رواه أحمد وأبو يعلى في الكبير وزاد فقال له أعين ابن امرأة الفرزدق : يا نعثل إنك قد بدلت ، فقال : من هذا ؟ قالوا : أعين … ورجالهما رجال الصحيح غير عباد بن زاهر وهو ثقة (4) .
(1) الإصابة - ج1 ص265
(2) تاريخ الإسلام - ص561
(3) الاستيعاب - ج1 ص420
(4) مجمع الزوائد - ج7 ص228
- ج1 ص 216 -
وأما الصحابة الذين ذكرت مشاركتهم في الحصار أو القتل فهم :
طلحة بن عبيد الله ، محمد بن أبي بكر ، عبد الرحمن بن عديس ، عمرو بن الحمق الخزاعي ، عمرو بن بديل ، كنانة بن بشر التجيبي .
ولكن يجب التنبيه على أن القتال بدأ من جانب عثمان نفسه فالمتحصنين في البيت معه بدأوا بقتل أحد الصحابة الذين وقفوا خارج البيت يناشدون عثمان .
فقد روى الطبري في تاريخه عن حسين بن عيسى عن أبيه قال : " لما مضت أيام التشريق أطافوا بدار عثمان ( رض ) وأبى إلا الإقامة على أمره ، وأرسل إلى حشمه وخاصته فجمعهم ، فقام رجل من أصحاب النبي (ص) يقال له نيار بن عياض وكان شيخا كبيرا فنادى : يا عثمان ، فأشرف عليه من أعلى داره فناشده الله وذكره الله لما اعتزلهم فبينما هو يراجعه الكلام إذ رماه رجل من أصحاب عثمان فقتله بسهم ، وزعموا أن الذي رماه كثير بن الصلت الكندي فقالوا لعثمان عند ذلك : ادفع إلينا قاتل نيار فلنقتله به ، فقال : لم أكن لأقتل رجلا نصرني وأنتم تريدون قتلي ، فلما رأوا ذلك ثاروا إلى بابه فأحرقوه …" (1)
* طلحة بن عبيد الله
كان ممن شارك في الحصار والتضييق على عثمان .
فقد روى الحاكم في ( المستدرك ) عن علقمة قال : " قال ابن مسعود ( رض ) : قال لنا رسول الله (ص) : أحذركم سبع فتن تكون بعدي فتنة تقبل من المدينة ، وفتنة بمكة ، وفتنة تقبل من اليمن ، وفتنة تقبل من الشام ، وفتنة تقبل من المشرق ، وفتنة تقبل من المغرب ، وفتنة من بطن الشام وهي السفياني ، قال : فقال ابن مسعود : منكم من يدرك أولها ومن هذه الأمة من يدرك آخرها ، قال الوليد بن عياش : فكانت
(1) تاريخ الطبري - ج3 ص413
- ج1 ص 217 -
فتنة المدينة من قبل طلحة والزبير وفتنة مكة فتنة عبد الله بن الزبير ، وفتنة الشام من قبل بني أمية ، وفتنة المشرق من قبل هؤلاء " ، قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (1) .
أما عن مسئولية طلحة عن مقتل عثمان فقد ذكر الحاكم في ( المستدرك ) عن إسرائيل بن موسى قال : سمعت الحسن يقول : " جاء طلحة والزبير إلى البصرة : فقال لهم الناس : ما جاءكم ، قالوا :نطلب دم عثمان ، قال الحسن : أيا سبحان الله أفما كان للقوم عقول فيقولون والله ما قتل عثمان غيركم " (2) .
روى عمر بن شبة في ( تاريخ المدينة ) عن جعفر بن سليمان الضبي أن أشد الصحابة على عثمان طلحة (3) .
وذكر الطبري في تاريخه عن حكيم بن جابر قال : " قال علي لطلحة : أنشدك بالله إلا رددت الناس عن عثمان ، قال : لا والله حتى تعطي بنو أمية الحق من أنفسها " (4) .
وذكر في ( الكامل في التاريخ ) لابن الأثير أن طلحة قد شارك في منع وصول الماء إلى بيت عثمان قال : ولم يعد علي يعمل ما كان يعمل إلى أن منع عثمان الماء ، فقال علي لطلحة : أريد أن تدخل عليه الروايا وغضب غضبا شديدا حتى دخلت الروايا على عثمان (5) .
بل يصرح عثمان بأن المتهم الأول عنده طلحة ، قال عبد الله بن عباس بن أبي ربيعة : " دخلت على عثمان فأخذ بيدي فأسمعني كلام من على بابه ، فمنهم من يقول : ما تنتظرون به ؟ ومنهم من يقول : انظروا عسى أن يراجع ، قال : فبينما نحن
(1) المستدرك على الصحيحين - ج4 ص515
(2) نفس المصدر السابق - ج3 - ص118
(3) تاريخ المدينة - ص1169
(4) تاريخ الطبري - ج3 ص433
(5) الكامل في التاريخ - ج2 ص535
- ج1 ص 218 -
واقفون إذ مر طلحة فقال : أين ابن عديس ؟ فقام إليه فناجاه ، ثم رجع ابن عديس فقال لأصحابه : لا تتركوا أحدا يدخل على عثمان ولا يخرج من عنده ، فقال لي عثمان : هذا من أمر طلحة ، اللهم اكفني طلحة فإنه حمل علي هؤلاء وألبـهم علي ! … " (1) .
والذي يؤيد هذه الأخبار ما ذكر في مقتل طلحة فقد قتله مروان بن الحكم . ذكر ذلك ابن حجر في ( الإصابة ) قال : " … وروى ابن عساكر من طرق متعددة أن مروان بن الحكم هو الذي رماه فقتله منها .
وأخرجه أبو القاسم البغوي بسند صحيح عن الجارود بن أبي سبرة قال : لما كان يوم الجمل نظر مروان إلى طلحة ، فقال : لا أطلب ثأري بعد اليوم ، فنزع له بسهم فقتله .
وأخرج يعقوب بن سفيان بسند صحيح عن قيس بن أبي حازم أن مروان بن الحكم رأى طلحة في الخيل ، فقال : هذا أعان على عثمان فرماه بسهم في ركبته ، فما زال الدم يسيح حتى مات " (2) انتهى كلام ابن حجر .
وقال القرطبي في ( الاستيعاب ) في ترجمة طلحة : " ويقال أن السهم أصاب ثغرة نحره ، وأن الذي رماه مروان بن الحكم بسهم فقتله ، فقال : لا اطلب بثأري بعد اليوم ، وذلك أن طلحة - فيما زعموا - كان ممن حاصر عثمان واستبد عليه ، ولا يختلف العلماء الثقات في أن مروان قتل طلحة يومئذ وكان في حزبه " (3) .
(1) الكامل في التاريخ - ج2 ص541
(2) الإصابة في التاريخ - ج3 ص292 (3) الاستيعاب - ج2 ص318
- ج1 ص 219 -
ثم قال القرطبي : " روى عبد الرحمن بن مهدي عن حماد بن زيد عن علي بن سعيد قال : قال طلحة يوم الجمل : ندمت ندامة الكسعي لما شريت رضا بني جرم برغم اللهم خذ مني لعثمان حتى ترضى " (1) .
قال البلاذري في ( أنساب الأشراف ) حدثني عبد الله بن صالح بن مسلم العجلي حدثني أبو أسامة عن إسماعيل بن حكيم قال : قال طلحة يوم الجمل : " إنا داهنا في أمر عثمان فلا نجد اليوم شيئا أفضل من بذل دماءنا فيه اللهم خذ لعثمان مني حتى ترضى " (2) .
وروى ابن عبد البر في ( الاستيعاب ) عن الجارود بن أبي سبرة ، قال : نظر مروان بن الحكم إلى طلحة بن عبيد الله يوم الجمل ، فقال : لا أطلب بثأري بعد اليوم ، فرماه بسهم فقتله .
وروى عن علي بن سعيد عن عمه ، قال : رمى مروان طلحة بسهم ، ثم التفت إلى أبان بن عثمان فقال : قد كفيناك بعض قتلة أبيك (3) .
بل أن ابن عبد البر ينقل في ( الاستيعاب ) في ترجمة طلحة خطبة لأمير المؤمنين علي عليه السلام حين نهوضه إلى الجمل يتهم فيها كل من عائشة وطلحة والزبير أنهم سفكوا دم عثمان ثم صاروا يتهمون عليا ويطالبون بدم عثمان .
قال : " ومن حديث صالح بن كيسان وعبد الملك بن نوفل بن مساحق والشعبي وابن أبي ليلى بمعنى واحد : أن عليا (رض) قال في خطبته حين نهوضه إلى الجمل : إن الله عز وجل فرض الجهاد وجعل نصرته وناصره وما صلحت دنيا ولا دين إلا به
(1) الاستيعاب - ج2 ص318
(2) أنساب الأشراف - ج10 ص126 (3) الاستيعاب - ج2 ص319
- ج1 ص 220 -
وإني بليت بأربعة : أدهى الناس ، وأسخاهم طلحة ، وأشجع الناس الزبير ، وأطوع الناس في الناس عائشة ، وأسرع الناس إلى فتنة يعلى بن أمية ، والله ما أنكروا علي شيئا منكرا ولا استأثرت بمال ولا ملت بهوى وإنهم ليطلبون حقا تركوه ، ودما سفكوه ، ولقد ولوه دوني وإن كنت شريكهم في الإنكار لما أنكروه وما تبعة عثمان إلا عندهم ، وإنهم لهم الفئة الباغية بايعوني ونكثوا بيعتي وما استأنوا بي حتى يعرفوا جوري من عدلي …" (1) .
روى البخاري في صحيحه عن عبيد الله بن عدي بن خيار " أنه دخل على عثمان بن عفان ( رض ) وهو محصور فقال : إنك إمام عامة ونزل بك ما ترى ويصلي لنا إمام فتنة ونتحرج … " (2) . فسمي الإمام الذي كان يصلي بالناس في ذاك الوقت إمام فتنة .
وروى الطبري أن طلحة كان يصلي بالناس أربعين ليلة وعثمان محصور قال : " حدثنا جعفر بن عبد الله المحمدي قال حدثنا عمرو وعلي قالا حدثنا حسين عن أبيه عن محمد بن إسحاق بن يسار المدني عن يحيي بن عباد عن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال : كتب أهل مصر بالسقيا … فحصروه أربعين ليلة وطلحة يصلي بالناس " (3) .
قال ابن كثير : والذي ذكره ابن جرير أن الذي كان يصلي بالناس في هذه المدة وعثمان محصور طلحة بن عبيد الله ، وروى الواقدي أن عليا صلى أيضا … ورواية الواقدي ساقطة لا اعتبار لها (4) .
(1) الاستيعاب - ج2 ص318
(2) صحيح البخاري - ج1 ص246
(3) تاريخ الطبري - ج3 ص404
(4) البداية والنهاية - ج7 ص198
- ج1 ص 221 -
* محمد بن أبي بكر
قال ابن حجر في ( الإصابة ) قال الطبراني : له صحبة وهو آخر من جاء من مصر في أثر عثمان (1) .
وروى الطبراني في ( المعجم الكبير ) (2) والهيثمي في ( مجمع الزوائد ) (3) من حديثا لعائشة تصرح فيه باشتراك أخيها محمد في الثورة مباشرة ، فعن أبي الأسود قال : سمعت طلق بن خشاف يقول : وفدنا إلى المدينة لننظر فيما قتل عثمان … فانطلقت حتى أتيت عائشة فسلمت عليها … فقلت لها : يا أم المؤمنين فيما قتل عثمان أمير المؤمنين ، قالت : قتل والله مظلوما لعن الله من قتله ، أقاد الله من ابن أبي بكر به ، وساق الله إلى أعين بني تميم هوانا في بيته ، وأراق الله دماء ابن بديل على ضلاله وساق الله إلى الأشتر سهما من سهامه " ، قال الهيثمي : رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير طلق وهو ثقة .
وقال في تاريخ أبو الفداء : " نزل عليه - عثمان - جماعة فيهم محمد بن أبي بكر فقتلوه " (4) .
ونقل الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) : " … ثم دخل عليه - يعني عثمان - محمد بن أبي بكر فقال : أنت قاتلي ، فقال : وما يدريك يا نعثل ، قال : لأنه أتى بك النبي … فوثب على صدره وقبض على لحيته ، فقال : إن تفعل كان يعز على أبيك أن تسوؤه ، قال : فوجأه في نحره بمشاقص كانت في يده " ، قال الهيثمي : رواه الطبراني وفيه سياف عثمان لم يسم وبقية رجاله وثقوا (5) .
(1) الإصابة - ج4 ص286
(2) المعجم الكبير - ج1 ص88
(3) مجمع الزوائد - ج9 ص97
(4) المختصر في تاريخ البشر - ج1 ص227 (5) مجمع الزوائد - ج9 ص94
- ج1 ص 222 -
وقد نقل الهيثمي في ( المجمع ) عن الحسن البصري تسمية محمد بن أبي بكر بالفاسق ، فقد روى عن قرة بن خالد قال : سمعت الحسن يقول : أخذ الفاسق محمد بن أبي بكر في شعب من شعاب مصر ، فأدخل في جوف حمار فأحرق ، رواه الطبراني ورجاله ثقات (1) .
وروى ابن كثير في تاريخه قال ابن خياط :حدثنا إسماعيل عن ابن عون عن الحسن عن وثاب قال : "جاء رويجل كأنه ذئب فاطلع من باب ورجع ، وجاء محمد بن أبي بكر في ثلاثة عشر رجلا فأخذ بلحيته فعال بها حتى سمعت وقع أضراسه فقال : ما أغنى عنك معاوية وما أغنى عنك ابن عامر وما أغنت عنك كتبك قال : أرسل لحيتي يا ابن أخي قال : فأنا رأيته استعدى رجلا من القوم بعينه - يعني أشار إليه - فقام بمشقص فوجى به رأسه قلت : ثم مه ؟ قال ثم تعاوروا عليه حتى قتلوه " (2).
وقال ابن كثير نقلا عن ابن عساكر :
" ودخل محمد بن أبي بكر وهو يظن أنه قد قتل فلما رآه قد أفاق ، قال : على أي دين أنت يا نعثل ، قال : على دين الإسلام ولست بنعثل فقال : غيرت كتاب الله ، فقال : كتاب الله بيني وبينكم ، فتقدم إليه وأخذ بلحيته ، وقال : إنا لا يقبل منا يوم القيامة أن نقول ( رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ ) وشطحه بيده من البيت إلى باب الدار ".
ثم قال ابن كثير : " ويروى أن محمد بن أبي بكر طعنه بمشاقص في أذنه حتى دخلت في حلقه ، والصحيح أن الذي فعل ذلك غيره ، وأنه استحى ورجع حين قال له عثمان : لقد أخذت بلحية كان أبوك يكرمها ، فتذمم من ذلك وغطى وجهه
(1) مجمع الزوائد - ج9 ص97
(2) البداية والنهاية - ج7 ص206
- ج1 ص 223 -
ورجع ، وحاجز دونه فلم يفد وكان أمر الله قدرا مقدورا وكان ذلك في الكتاب مسطورا " .
والغريب قول ابن كثير أن هذا هو الصحيح رغم كونه من رواية سيف بن عمر التميمي وهو كذاب مشهور ، قال النسائي : كذاب ، قال ابن حبان : يروي الموضوعات عن الإثبات ، اتهم بالزندقة .
ويقوي خبر مشاركة محمد بن أبي بكر في قتل عثمان ما ذكره ابن الجوزي في ( المنتظم ) : " كتب إليه معاوية إني لا أعلم أحدا كان أعظم على عثمان بلاءا منك فلا تظنن أني نائم عنك " (1) .
أما عن انتقام معاوية من ابن أبي بكر فقد ذكره ابن الجوزي في ( المنتظم ) عن طريق الزهري : "… فقال محمد : اسقوني من الماء ، فقال معاوية : لا سقاني الله إن سقيتك قطرة أبدا ، إنكم منعتم عثمان أن يشرب الماء حتى قتلتموه صائما ، أتدري ما أصنع بك ؟ أدخلك في جوف حمار ثم أحرقه بالنار ، فلما بلغ عائشة جزعت جزعا شديدا ، وقنتت في دبر كل صلاة تدعو على معاوية وعمرو … " (2) .
ولذلك واجهت أم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان أم المؤمنين عائشة بموقف غليظ قاس عند مقتل محمد بن أبي بكر كما ينقل ابن الجوزي في نفس الصفحة عن يزيد بن أبي حبيب قال : " بعث معاوية بن حديج بمولى له يقال له سليم إلى المدينة بشيرا بقتل محمد بن أبي بكر ومعه قميص محمد بن أبي بكر ودخل به دار عثمان ، فاجتمع إليه آل عثمان من رجال ونساء ، وأظهروا السرور بمقتله ، وأمرت أم حبيبة بنت أبي سفيان بكبش
(1) المنتظم - ج3 ص392
(2) نفس المصدر السابق - ج3 ص393
- ج1 ص 224 -
يشوى ، وبعثت بذلك إلى عائشة وقالت : هكذا شوي أخوك ، فلم تأكل عائشة شواءا حتى لحقت بالله عز وجل " .
وروى انتقام معاوية من محمد بن أبي بكر بجعله في بطن حمار وإحراقه الذهبي في ( تاريخ الإسلام ) القسم الخاص بتاريخ الخلفاء (1) .
* عبد الرحمن بن عديس
ذكر ابن حجر في ( الإصابة ) أنه صحب النبي (ص) وسمع منه وشهد فتح مصر وكان ممن بايع تحت الشجرة ، ثم كان رئيس الخيل التي سارت من مصر إلى عثمان في الفتنة ، فلما كانت الفتنة كان ابن عديس ممن أخره معاوية في الرهن فسجنه بفلسطين ، فهربوا من السجن فأدرك فارس ابن عديس فأراد قتله ، فقال له ابن عديس : ويحك اتق الله في دمي فإني من أصحاب الشجرة ، قال : الشجر بالجبل كثير ، فقتله (2) .
وذكره ابن عبد البر في ( الاستيعاب ) في ترجمته : " شهد الحديبية ، ممن بايع تحت الشجرة رسول الله (ص) ، هو كان الأمير على الجيش القادمين من مصر إلى المدينة الذين حصروا عثمان وقتلوه " (3) .
وروى ابن كثير في تاريخه : " قال أبو ثور الفقيمي : قدمت على عثمان فبينما أنا عنده فخرجت فإذا بوفد أهل مصر قد رجعوا ، فدخلت على عثمان فأعلمته ، قال : فكيف رأيتهم ، فقلت : رأيت في وجوههم الشر وعليهم ابن عديس البلوي فصعد ابن عديس منبر رسول الله فصلى بهم الجمعة وتنقص عثمان في خطبته … " (4) .
(1) تاريخ الإسلام - المجلد الخاص بتاريخ الخلفاء - ص601
(2) الإصابة - ج4 ص171
(3) الاستيعاب - ج2 ص383
(4) البداية والنهاية - ج7 ص203
- ج1 ص 225 -
* عمرو بن الحمق الخزاعي
ذكره ابن حجر في ( الإصابة ) قائلا : " قال : ابن السكن له صحبة ، وقال أبو عمر : هاجر بعد الحديبية ، وقيل : بل أسلم بعد حجة الوداع ، والأول أصح … وقد وقع في الكنى للحاكم أبي أحمد في ترجمة أبي داود المازني من طريق الأموي عن بن إسحاق ما يقتضي أن عمرو بن الحمق شهد بدرا … ، ثم كان ممن قام على عثمان مع أهلها … ، ذكر - ابن سكن - بسند جيد إلى أبي إسحاق السبيعي عن هنيدة الخزاعي قال : أول رأس أهدي في الإسلام رأس عمرو بن الحمق ، بعث به زياد إلى معاوية " (1) .
وروى ابن كثير في تاريخه نقلا عن ابن عساكر عن ابن عون : " أن كنانة بن بشر ضرب جبينه ومقدم رأسه بعمود حديد فخر لجنبيه وضربه سودان بن حمران المرادي بعد ما خر لجنبه فقتله ، وأما عمرو بن الحمق فوثب على عثمان فجلس على صدره وبه رمق فطعنه تسع طعنات وقال : أما ثل
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى