ashraf alcot
أهلا زائنا الكريم
نرجو التسجيل ومشاركتنا
بافكارك فى المنتدى

أبو معاذ

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ashraf alcot
أهلا زائنا الكريم
نرجو التسجيل ومشاركتنا
بافكارك فى المنتدى

أبو معاذ
ashraf alcot
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

سيرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه

اذهب الى الأسفل

 سيرة عمر بن الخطاب  رضي الله عنه Empty سيرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه

مُساهمة  Admin الخميس سبتمبر 29, 2011 3:52 am

مولده ونسبه ونشأته :
هو عمر بن الخطاب بن نُفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي القرشي يجتمع نسبه مع النبي صلى الله عليه وسلم في كعب بن لؤي فهو قرشي من بني عدي. ولد بعد عام الفيل بثلاثة عشر سنة كان صهر رسول الله أبا حفصة أم المؤمنين زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- نشأ في كنف والده, وورث عنه طباعه الصارمة التي لا تعرف الوهن, والحزم الذي لا يدانيه التردد. وكان من أشراف قريش وأعيانها, وإليه كانت السفارة في الجاهلية , فكانت قريش إذا وقعت الحرب بينهم أو بينهم وبين غيرهم بعثوه سفيراً _ أي رسولاً _ وإذا فاخرهم مفاخر أو نافرهم منافر رضوا به وبعثوه مفاخراً ومنافراً (والمنافرة من تنافر الرجلان: إذا تفاخرا ثم حكمّا بينهما واحداً والمنافره المفاخرة والمحاكمة).
ذلكم هو عمر بن الخطاب في الجاهلية :رجل قوى البنيان, رابط الجأش, ثابت الجنان, صارم حازم, لا يعرف التردد والذبذبة. ينأى عن المراوغة والخداع. لا تنتابه أهواء متنازعة, ولا آراء مشتتة, ولكنه إذا تحرك تحركت قدراته, واحتشدت في شخصية واحدة متكاملة متسقة, فحيثما وجد عمر وجدت شخصيته الفذة وإرادته ومنهجه, في دقةٍ واتساق.
أما عمر في الإسلام فهو العدل الفاروق الصحابي الجليل و أحد السابقين الأولين و أحد العشرة المبشرين بالجنة و ثاني الخلفاء الراشدين.
- عمر بن الخطاب العادل إن ذكر العادلون. من سهر لينام الناس. وجاع ليشبع الناس. من لا تأخذه في الله لومه لائم. هو قائل الحق ولو كان مراً .
- عمر بن الخطاب الذي لا زال اسمه حياً نابضاً في ضمير الأمة و أجيالها المتعاقبة. فحينما تدرس سيرته تذكره بإعجاب و إكبار وتقرن به جليل الصفات و عظيم المواهب .
- إنه من يسلك الشيطان فجاً غير فجه, الزاهد وبين يديه الغالي والنفيس _ إنه الوقاف عند كتاب الله _ لا تمر به الأمور مهما صغرت دون أن ينظر فيها ويستلهم العبرة منها ويجني الثمر المرجو من ثمارها. إنه القيم والمثل بعينها.
كنيته وألقابـه رضي الله عنه :
لقبه النبي صلى الله عليه وسلم بالفاروق في أول يومٍ في إسلامه قائلاً له : أنت الفاروق ليفرق الله بك بين الحق والباطل أما لقب أمير المؤمنين, فإنه لما مات أبو بكر رضي الله عنه وكان يدعى خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال المسلمون : من جاء بعد عمر قيل له : خليفة خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيطول هذا . ولكن أجمعوا على اسم تدعون به الخليفة , يدعى به من بعده من الخلفاء , فقال بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : نحن المؤمنون وعمر أميرنا , فدعي عمر أمير المؤمنين فهو أول من سمي بذلك (الطبقات الكبرى لابن سعد )
وبذلك يكون عمر بن الخطاب رضي الله عنه أول من سمي بأمير المؤمنين وأنه لم يسبق إليه , وإذا نظرنا في كلام أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم نجد أن جميعهم قد اتفقوا على تسميته بهذا الاسم وسار له في جميع الأقطار في حال ولايته . ( المستدرك ) وقال الذهبي صحيح ) .
كنيته :
كنّاه النبي صلى الله عليه وسلم بأبي حفص وذلك يوم بدر وحفص نسبة إلى شبل الأسد, وقيل إنه سمي أبا حفص نسبة إلى ابنته حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها .
أسرته :
أبوه الخطاب بن نُفيل العدوي, شديد البأس قوي الشكيمة. و أمه حنتمه بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ابنة عم أبي جهل.
وجملة أولاده رضي الله عنه ثلاثة عشر ولداً ما بين ذكور وإناث , وهم زيد الأكبر, وزيد الأصغر, وعاصم,وعبدالله ,وعبدالرحمن الأكبر ,وعبدالرحمن الأوسط ,وعبدالرحمن الأصغر ,وعبيدالله , وعياض,وحفصة ,ورقيه ,وزينب ,وفاطمه رضي الله عنهم , وأشهر أولاده عبدالله وحفصة رضي الله عنهما وقد حرص عمر رضي الله عنه على تربية أولادة التربية الحسنه على فضائل الأخلاق وجميلها فمع ما عرف عنه من شدته وقوته إلا أن رحمته ورأفته شملت أولاده وأهل بيته فرباهم على حب هذا الدين والإنتماء إليه فها هو عبدالله بن عمر بن الخطاب, سيِّد من سادات الصحابة الكرام ,وَعلَمٌ من أعلام المسلمين على مر السنين.
اعتنق مع أبيه عمر الإسلام, وشارك أهله ما أصابهم من أذى المشركين, حتى أَذِنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالهجرة ,فهاجر مع أبويه ,وعمره عشر سنين .
أسلم عبدالله مع أبيه وهو صغير لم يبلُغ الحلم ,ولما أسلم أبوه عمر رضي الله عنهما أصبح داعيةً للإسلام, وأول ما يدعو الإنسان أهله وأسرته, وكان (عبدالله) أحد أفراد هذه الأسرة السعيدة التي استجابت للدين الحق, وأيقن _ وهو غلام صغير _ أن ما حدث لأبيه إنما هو أمر جلل, فخرج معه في طرقات مكة ينظر ما يصيبه من أذى المشركين, وها هو يحدثنا حديث المشاهد لما يقع فيقول :
(لما أسلم عمر بن الخطاب قال: أيُّ أهل مكة أنقل للحديث؟ قالوا: جميل ابن مَعْمَر الجحمي, فخرج عمر وخرجت وراءه, وأنا غُلَيِّمٌ أعقل كل ما رأيت, حتى أتاه ,فقال: يا جميل, أشعرت أني قد أسلمت؟ فو الله ما راجعه الكلام حتى قام يجر رداءه, وخرج عمر يتبعه, وأنا معه, حتى إذا قام على باب المسجد صرخ: يا معشر قريش, إنَّ عمر قد صبأ .قال: كذبت. ولكني أسلمت ,وشهدت أن لا إله إلا الله, وأن محمداً عبده ورسوله. وثاروا إليه, فما برح يقاتلهم ويقاتلونه حتى قامت الشمس على رؤوسهم .... إلخ (الرواية) (السيرة النبوية) .
عاش ابن عمر هذه المشاهد وبلغ مبلغ الرجال وهو متمكِّن من إسلامه وإيمانه .
قال أبو سلمة بن عبدالرحمن Sad مات ابن عمر وهو في الفضل مثلُ أبيه) . (سير أعلام النبلاء) هذا جانب من تعامل عمر رضي الله عنه مع أحد أبنائه وهو (عبدالله بن عمر) وحظي بناته رضي الله عنه بنصيب من هذه التربية ويشهد لذلك مواقفه مع ابنته حفصة رضي الله عنها حيث أنه لم يشهد بدراً من بني سهم غير رجل واحد هو الصحابي الجليل خنيس بن حذافة بن قيس بن عدي السهمي القرشي زوج حفصة بنت عمر هاجر إلى الحبشة مع المهاجرين الأولين إليها , ثم إلى المدينة , وشهد أحداً كذلك , ثم مات بعدها في دار الهجرة , من جراحٍ أصابته في أحد , وترك مِنْ ورائه أرملته ( حفصة بنت عمر بن الخطاب ) رضي الله عنها, وتألم عمر لابنته الشابة التي ترملت في الثامنة عشرة من عمرها , وبدأ يشعر بانقباض أليم كلما دخل بيته , ورأى ابنته في حزنها , فبدا له – بعد تفكير طويل – أن يختار لها زوجاً, فعرضها على أبو بكر رضي الله عنه فلم يجبه بشئ , وعرضها على عثمان فقال : بدا لي ألا أتزوج بعد اليوم . فََََََوجَِدَ عليهما , وانكسر , وشكا حاله إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : (يَتزوج حفصة من هو خير من عثمان , ويتزوج عثمان من هي خير من حفصة ) ثم خطبها فزوجه عمر . ( أخرجه البخاري )
ولما زوجها عمر لقيه أبو بكر , فاعتذر , وقال : لاتجََِِِِِِِدْ علي ,فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد ذكر حفصة ,فلم أكن لأفشي سره, ولو تركها لتزوجتها .(أخرجه البخاري) .
وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة سنة ثلاث من الهجرة . (سبر أعلام النبلاء ) , وأصدقها أربعمائة درهم , وكان ذلك أعظم إكرام ومنة وإحسان لحفصة وأبيها رضي الله عنهما .
ولقد كان لحفصة مع أبيها عمر رضي الله عنهما مواقف عظيمة تدل على زهدهما , وعلى إعراضهما عن الدنيا إعراضاً كاملاً , وصفاء نفس كل منهما , .
وكانت حفصة رضي الله عنها ترى والدها وما هو عليه من شدة العيش , فقالت له يوماً : يا أمير المؤمنين , لو لبست ثوباً ألين من ثوبك , فقال : سأخاصمك إلى نفسك , أما تذكرين ما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقى من شدة العيش ؟ فما زال يذكرها حتى أبكاها .( الطبقات الكبرى ) .
وشهدت حفصة أمجاد أبيها ومآثره , وفتوح الشام والعراق ومصر في عهده ,إلى أن روعت وروع المسلمون كافة بالمقتل الفاجع لأمير المؤمنين عمر رضي الله عنه .

حياته في الجاهلية :
أمضى عمر في الجاهلية شطراً من حياته , ونشأ كأمثاله من أبناء قريش , وامتاز عليهم بأنه كان ممن تعلموا القراءة وهؤلاء كانوا قليلين جداً, وقد حمل المسئولية صغيراً , ونشأ نشأة غليظة شديدة , لم يعرف فيها ألوان الترف , ولا مظاهر الثروة, ودفعه أبوه الخطاب في غلظة وقسوة إلى المراعي يرعى إبله , فهذا عبدالرحمن بن حاطب يحدثنا عن ذلك فيقول : كنت مع عمر بن الخطاب بضجنان (جبل قريب من مكة), فقال : كنت أرعى للخطاب بهذا المكان , فكان فظاً غليظاً فكنت أرعى أحياناً واحتطب أحياناً(أخرجه ابن عساكر في تاريخه, صحيح الإسناد ).
ولأن هذه الفترة كانت قاسية في حياة عمر , فإنه كان يذكرها.
ولاشك أن هذه الحرفة – الرعي – التي لازمت عمر بن الخطاب في مكة قبل أن يدخل الإسلام قد أكسبته صفات جميلة كقوة التحمل , والجلد وشدة البأس , ولم يكن رعي الغنم هو شغل ابن الخطاب في جاهليته , بل حذق من أول شبابه ألواناً من رياضة البدن , فحذق المصارعة , وركوب الخيل والفروسية , وتذوق الشعر ورواه , وكان يهتم بتاريخ قومه وشؤونهم , وحرص على الحضور في أسواق العرب الكبرى , واستفاد منها في التجارة ومعرفة تاريخ العرب .
واشتغل عمر رضي الله عنه بالتجارة وربح منها ما جعله من أغنياء مكة , وكسب معارف متعددة من البلاد التي زارها للتجارة , واحتل مكانةً بارزة في المجتمع المكي الجاهلي , وأسهم بشكل فعال في أحداثه ,وساعده تاريخ أجداده المجيد , فقد كان جده نُفيل بن عبدالعزى تحتكم إليه قريش في خصوماتها , فضلاً عن أن جده الأعلى كعب بن لؤي كان عظيم القدر والشأن عند العرب, وتوارث عمر عن أجداده هذه المكانة المهمة التي أكسبته خبرة ودراية ومعرفة بأحوال العرب وحياتهم , فضلاً عن فطنته وذكائه,فلجأوا إليه في فض خصوماتهم,يقول ابن سعد ( إن عمر كان يقضي بين العرب في خصوماتهم قبل الإسلام ) .وكان رضي الله عنه رجلاً حكيماً , بليغاً , حصيفاً , قوياً حليماً , شريفاً , قوي الحجة , واضح البيان , مما أهَّلَهُ لأن يكون سفيراً لقريش , ومفاخراً ومنافراً لها
مع القبائل , قال ابن الجوزي : كانت السفارة إلى عمر بن الخطاب , إن وقعت حرب بين قريش وغيرهم بعثوه سفيراً , أو نافرهم منافر , أو فاخرهم مفاخر , بعثوه منافراً ومفاخراً , رضوا به رضي الله عنه .
وكان يدافع عن كل ما ألفته قريش من عادات وعبادات ونظم وكانت له طبيعة مخلصة تجعله يتفاني في الدفاع عما يؤمن به , وبهذه الطبيعة التي جعلته يشتد في الدفاع عما يؤمن به , قاوم عمر الإسلام في أول الدعوة , وخشي عمر أن يهز هذا الدين الجديد النظام المكي الذي استقر , والذي يجعل لمكة بين العرب مكاناً خاصاً,ففيها البيت الذي يحج إليه والذي جعل قريشاً ذات مكانة خاصة عند العرب , والذي صار لمكة ثروتها الروحية , وثروتها المادية , فهو سبب ازدهارها , وغِنَى سراتها ولهذا قاوم سراة مكة هذا الدين , وبطشوا بالمستضعفين من معتنقيه .
لقد عاش عمر في الجاهلية وسبر أغوارها , وعرف حقيقتها , وتقاليدها وأعرافها ودافع عنها بكل مايملك من قوة ولذلك لما دخل في الإسلام عرف جماله وحقيقته وتيقن الفرق الهائل بين الهدى والضلال والكفر والإيمان والحق والباطل .
إسلامه وحرصه على الصدع بالدعوة وتحمله الصعاب في سبيلها :
كان أول شعاعة من نور الإيمان لامست قلبه , يوم أن رأى نساء قريش يتركن بلدهن ويرحلن إلى بلد بعيد عن بلدهن بسبب ما لقين منه ومن أمثاله , فرق قلبه , وعاتبه ضميره , فرثى لهن , وأسمعهن الكلمة الطيبة التي لم يكن يطمعن أن يسمعن منه مثلها .لقد تأثر عمر من هذا الموقف وشعر أن صدره قد أصبح ضيقاً حرجاً؛فأي بلاء يعانيه أتباع هذا الدين الجديد , وهم على الرغم من ذلك صامدون ! ماسر تلك القوة ؟ وشعر بالحزن وعصر قلبه الألم , وبعد هذه الحادثة بقليل أسلم عمر رضي الله عنه وبسبب دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقد كانت السبب الأساسي في إسلامه فقد دعا له بقوله : اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك : بأبي جهل بن هشام , أو بعمر بن الخطاب , قال:وكان أحبهما إليه عمر( رواه الترمذي وصححه الألباني) .
وروى في سبب إسلامه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: خرج عمر متقلداً السيف فلقيه رجل من بني زهرة قال: أين تعمد يا عمر؟ فقال: أريد أن أقتل محمداً, قال: وكيف تأمن في بني هاشم وبني زهرة وقد قتلت محمداً ؟ قال: فقال عمر: ما أراك إلا قد صبوت وتركت دينك الذي أنت عليه, قال: أفلا أدلك على العجب يا عمر؟! إن خِتْنُكَ و أَخْتُكَ قد صبوا وتركا دينك الذي أنت عليه. قال: فمشى عمرا ذامراً حتى أتاهما وعندهما رجل من المهاجرين يقال له خباب. قال: فلما سمع خبابٌ حس عمر توارى في البيت, فدخل عليهما,فقال : ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم؟ قال: وكانوا يقرؤون سورة طه, فقالا: ما عدا حديثاً تحدثناه بيننا, قال: فلعلكما قد صبوتما؟ قال: فقال له خِتْنَهُ، أرأيت يا عمر إن كان الحق في غير دينك؟ قال: فوثب عمر على ختنه فوطئه وطئاً شديداً, فجاءت أخته فدفعته عن زوجها, فنفحها بيده نفحة فدمى وجهها, فقالت وهي غضبى: يا عمر إن كان الحق في غير دينك، أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمداً رسول الله .
فلما يئس عمر قال: أعطوني هذا الكتاب الذي عندكم فأقرأه !! قال: وكان عمر يقرأ الكتب, فقالت أخته: إنك رجس ولا يمسه إلا المطهرون, فقم فاغتسل أو توضأ, فقام عمر فتوضأ ثم أخذ الكتاب فقرأSadطه) حتى انتهى إلى قوله (إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني و أقم الصلاة لذكري) سورة طه 1-14. فقال عمر: دلوني على محمد, فلما سمع خباب قول عمر خرج من البيت فقال: أبشر يا عمر! فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لك: اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بعمر بن هشام قال: ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الدار التي في أصل الصفا.فانطلق عمر حتى أتى الدار, وقال: وعلى باب الدار حمزة و طلحة و أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, فلما رأى حمزة وجل القوم من عمر, قال: نعم, فهذا عمر, فإن يرد الله بعمر خيراً يسلم ويتبع النبي صلى الله عليه وسلم. قال: والنبي صلى الله عليه وسلم داخل يوحى إليه قال: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عمر فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف, فقال (أما أنت منتهياً يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة ؟ اللهم هذا عمر ابن الخطاب, اللهم أعز الدين بعمر بن الخطاب قال : فقال عمر : أشهد أنك رسول الله فأسلم, وقال: أخرج يا رسول الله).وقد كان إسلامه رضي الله عنه عزاً للإسلام و المسلمين, ولهذا قال ابن مسعود رضي الله عنه: (مازلنا أعزة منذ أسلم عمر وقال لقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي بالبيت حتى أسلم عمر, فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا نصلي) الطبقات الكبرى لابن سعد .
وقال أيضاً: كان إسلام عمر فتحاً, وكانت هجرته نصراً, وكانت إمارته رحمة. لقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي بالبيت حتى أسلم عمر, فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا فصلينا.الطبقات الكبرى لابن سعد.
دخل عمر الإسلام بإخلاص متناهٍ وعمل على تأكيد الإسلام بكل ما أوتي من قوة بعد إسلامه مباشرة رضي الله عنه – سأل الفاروق رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألسنا على الحق. قال:بلى, فسأله: أليسوا على الباطل, قال: بلى قال: ففيم الاختفاء, فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: وما ترى يا عمر؟ قال نخرج يا رسول الله فنعلن الإسلام في طرقات مكة حتى نطوف بالكعبة, فقال النبي صلى الله عليه وسلم:نعم يا عمر ..
خرج المسلمون في صفين صف يتقدمه أسد بن حمزة بن عبد المطلب وصف يتقدمه عمر بن الخطاب والجميع يهتف بذكر الله حتى طافوا بالكعبة, فما استطاعت قريش أن تَتَعَرَّضَ لهم بل أغلق أهل مكة بيوتهم وكأنهم يستخفون من المسلمين ..كان هذا اليوم الأول الذي أسلم فيه عمر بن الخطاب, ولم يكتفي بإعلان إسلامه حول الكعبة بل قصد رؤوس الكفر لإبلاغهم خبر إسلامه, فذهب إلى أبي جهل وأبي سفيان و أخبرهم بإسلامه وكان يهدف رضي الله عنه من وراء هذا الأمر أن يُظْهِرَ فخره واعتزازه بالانتماء لهذا الدين. فاجتمع عليه أهل مكة يضربونه حتى بلغ الجهد مبلغه كل هذا فعله عمر في اليوم الأول من إسلامه, أسلم رضي الله عنه فأعز الله به دينه, كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بأبي جهل, وعمر بن الخطاب فكان عمر أحبهما إليه ) رواه الترمذي حديث حسن صحيح .
فما الذي دفع النبي صلى الله عليه وسلم للدعاء لهذين الشخصين, وما الصفة التي جمعت بينهما حتى دعا النبي صلى الله عليه وسلم لهما مع أن خاتمتها مختلفة تماماً. الواقع أن الصفة المشتركة التي جمعت هذين الشخصين هي الإيجابية المؤثرة, فأفضل ما يكون المرء إذا كان على الحق أن يكون إيجابياً مؤثراً في مجتمعه ,وأسوا ما يكون المرء أن يكون سلبياً يتأثر بمن حوله ولا يُؤْثِّر ... وقد بدأت قصة إسلام عمر بن الخطاب بدعوة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وحبذا لو أننا ندعو لمن نحب في ظهر الغيب بالهداية.
هجرته رضي الله عنه واعتزازه بدينه: انضم عمر رضي الله عنه إلى ركب الإيمان في مكة المكرمة, ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعوته, ويصك بصوته الجهوري أسماع قريش بكلمات التوحيد, ويشارك إخوانه بعض ما ينالهم , حتى أذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة.
وهاجر من هاجر مستخفياً, أما عمر الذي كان مميزاً بين لداته حتى في بنيانه الجسمي, أبت عليه شجاعته وقوته واعتزازه بدينه إلا أن يجهر بهجرته ليكون أنكى لقريش, و أقسى على قلبها ويحدثنا عن ذلك علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – فيقولSad ما علمت أحداً من المهاجرين إلا هاجر مختفياً إلا عمر بن الخطاب، فإنه لما همّ بالهجرة تقلّد سيفه, وتنكّب قوسه, وانتضى في يده سهماً, ومضى قِبَلَ الكعبة, والملأ من قريش بفنائها. فطاف بالبيت سبعاً متمكَّناً, ثم أتى المقام فصلى متمكناً, ثم وقف على الحلق واحدة واحدة، وقال لهم: شاهت الوجوه، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس من أراد أن تثكله أمه، ويؤتم ولده، وتُرَمَّلُ زوجته، فليلقني وراء هذا الوادي قال علي: فما تبعه أحد. وقدم المدينة المنورة في عشرين راكباً، و توالت جماعات المهاجرين بالقدوم إلى المدينة, حتى تم انتظام العقد بهجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه الصديق – رضي الله عنه – وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم و أصحابه الكرام ببناء الدولة الجديدة على أسس راسخة قوية.
ملازمته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأثرها في شخصيته:
إن الرافد القوي الذي أثر في شخصية عمر وصقل مواهبه وهذب نفسه هو مصاحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتتلمذه على يديه, ذلك أن عمر لازم الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة بعد إسلامه كما لازمه كذلك في المدينة المنورة قال عمر : كنت أنا وجار لي من الأنصار من بني أمية بن زيد – وهي من عوالي المدينة – وكنا نتناوب النزول على رسول الله صلى الله عليه وسلم , ينزل يوماً وأنزل يوماً , فإذا جئت بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره , وإذا نزل فعل مثل ذلك .
وكان للقرآن عميق الأثر في نفوسهم وعقولهم وقلوبهم وأرواحهم , وكان عمر واحداً من هؤلاء , وقد حرص عمر منذ أسلم على حفظ القرآن وفهمه وتأمله , وظل ملازماً للرسول صلى الله عليه وسلم يتلقى عنه ما أنزل إليه , حتى تم له حفظ جميع آياته وسوره , فقد تربى عمر رضي الله عنه على القرآن , وكان المربي له نبيه محمد صلى الله عليه وسلم . وكانت نقطة البدء في تربية عمر هي لقاءه برسول الله صلى الله عليه وسلم ,فأثر اتصاله بالنبي صلى الله عليه وسلم على حياته فخرج من الظلمات إلى النور , واكتسب الإيمان , وطرح الكفر,وقوي يتحمل الشدائد والمصائب , في سبيل دينه الجديد وعقيدته السمحة , كانت شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم المحرك الأول للإسلام , وشخصيته صلى الله عليه وسلم تملك قوى الجذب والتأثير على الآخرين , لقد تتلمذ عمر رضي الله عنه على يدي رسول الله , فتعلم منه القرآن الكريم والسنة النبوية , وحرص على ملازمة الرسول الكريم في غزواته, وسلمه , وأصبح لعمر رضي الله عنه علم واسع , ومعرفة غزيرة بالسنة النبوية المطهرة , التي أثرت في شخصية عمر وفقهه, واستمع من رسول الله وتلقى عنه , كما كان حريصاً على أن يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن كل ما تجيش به نفسه, أو يشغل خاطره , لقد استمد من رسول الله علماً وتربيةً , ومعرفةً بمقاصد هذا الدين العظيم , وخصه رسول الله صلى الله عليه وسلم برعايته,وشمله بتسديده , ولقد شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعلم .


عدل سابقا من قبل Admin في الخميس سبتمبر 29, 2011 4:15 am عدل 1 مرات
Admin
Admin
Admin

عدد المساهمات : 556
تاريخ التسجيل : 23/08/2011

https://alcot.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 سيرة عمر بن الخطاب  رضي الله عنه Empty أهم صفات الفاروق :

مُساهمة  Admin الخميس سبتمبر 29, 2011 3:53 am

أهم صفات الفاروق :
إن مفتاح شخصية الفاروق إيمانه بالله تعالى والاستعداد لليوم الآخر وكان هذا الإيمان سبباً في التوازن المدهش في شخصية عمر بن الخطاب  ولذلك لم تطغ قوته على عدالته, وسلطانه على رحمته, ولا غناه على تواضعه,فظهرت آثار إيمانه العميق في حياته والتي أهمها :
ا/شدة خوفه من الله تعالى بمحاسبته لنفسه :
وكان رضي الله عنه يقول في محاسبة النفس ومراقبتهاSadحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا, وتهيئوا للعرض الأكبر قال تعالىSadيَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ ) الحاقة(18) .
ب/حلمه رضي الله عنه :
عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قدم عيينة بن حصن بن حذيفة فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس الفزاري , صحابي أسلم مع وفد بني فزارة . وكان من النفر الذين يدينهم عمر , وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته , كهولاً كانوا أو شباناً , فقال عيينة لأخيه :يا ابن أخي هل لك أو قال :لك وجه عند الأمير , فاستأذن لي عليه قال : سأستأذن لك عليه قال ابن عباس : فاستأذن الحر لعيينة , فأذن له عمر , فلما دخل عليه قال : إيه ,أو هي يابن الخطاب , فوالله ما تعطينا الجزل _ الجزل : الجزيل العظيم _ وأجزلت له العطاء -أي أكثرت – ولا تحكم فينا بالعدل , فغضب عمر حتى هَمَّ أن يوقع به , فقال له الحر : ياأمير المؤمنين إن الله تعالى قال لنبيه : خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين  الأعراف (199 ) . وإن هذا من الجاهلين , والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه , وكان وقافاً عند كتاب الله , (البخاري) فعندما سمع رضي الله عنه الآية الكريمة هدأت ثائرته , وأعرض عن الرجل الذي أساء إليه في خُلقه عندما اتهمه بالبخل , وتلك التي يهتم لها عمر,ومن منا يملك نفسه عند الغضب ؟ وخاصةً إذا كان للغضب ما يحمل عليه ,متى نتجمل بهذه التعاليم لنكون مثلاً وقدوة وفق ما نقرأ في كتاب الله الكريم .
فضائله – رضي الله عنه – ( فضل عمر رضي الله عنه ومكانته في الدين ) : هذا هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه, يكفي في شرفه و فضله ما أخبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحاح الكثيرة ترى ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا الرجل ؟
1- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( بينما أنا نائم رأيت الناس عرضوا عليّ وعليهم قمص فمنها ما يبلغ الثدي ومنها ما يبلغ دون ذلك, وعُرض عليّ عمر وعليه قميص يجره, قالوا: فما أولته يا رسول الله؟ قال: الدين) متفق عليه. فدينه رضي الله عنه و أرضاه, أصبح سابغاً ساتراً كالثوب عليه.
وفي الحديث الآخر أيضاً أنه صلى الله عليه وسلم قال فيما يرويه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (بينما أنا نائم إذ أتيت بقدح لبن فشربته حتى إني لأرى الرّي يخرج من أظفاري, ثم أعطيت فضلي لعمر, قالوا : فما أولته يا رسول الله ؟ قال : العلم ) أخرجه البخاري ومسلم .
هذه فضائل عظيمة لعمر رضي الله عنه, قميص يجره وهو الدين, ولبن يشربه فضله من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو العلم فأي رجل يكون ؟
2- ومن فضائله رضي الله عنه موافقات القرآن له :
أـ كان عمر من أكثر الصحابة شجاعة وجرأة , فكثيراً ما كان يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن بعض الأمور التي لم يدرك حكمها , كما كان رضي الله عنه يبدي رأيه واجتهاده بكل صدق ووضوح , ومن شدة فهمه واستيعابه لمقاصد القرآن الكريم نزل القرآن الكريم موافقاً لرأيه في بعض المواقف،يالها من منزلة عظيمة ومنقبة جليلة أكرم الله بها فاروق الأمة. قال عمر رضي الله عنه: وافقت الله تعالى في ثلاث , أو وافقني ربي في ثلاث , قلت : يارسول الله لو اتخذت مقام إبراهيم مصلى , وقلت : يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر , فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب , فأنزل الله تعالى آية الحجاب , قال وبلغني معاتبة النبي صلى الله عليه وسلم بعض نسائه , فدخلت عليهن , قلت : إن انتهيتن أو ليبدلنّ الله رسوله صلى الله عليه وسلم خيراً منكن حتى أتيت إحدى نسائه قالت : ياعمر ,أما في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعظ نساءه , حتى تعظهن أنت ؟ فأنزل الله :  عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن مسلماتٍ مؤمناتٍ قانتاتٍ تائباتٍ عابداتٍ سائحاتٍ ثيباتٍ وأبكاراً  ( التحريم :5) صحيح البخاري.

ب ــ موافقته في ترك الصلاة على المنافقين
قال عمر : لما توفي عبدالله بن أُبي دُعي رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة عليه فقام إليه , فلما وقف عليه يريد الصلاة تحولت حتى قمت في صدره فقلت : يا رسول الله أعلى عدو الله عبدالله بن أُبي القائل كذا وكذا : كذا وكذا , يَعُدُّ أيامه قال ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبتسم حتى إذا أكثرت عليه قال : آخر عني ياعمر , إني خُيرِّتُ فاخترت , قد قيل لي : استغفر لهم أو لاتستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم  ( التوبة : 80)
لو أعلم أني إن زدت على السبعين غُفِرَ له لزدت قال : ثم صلى ومشى معه فقام على قبره حتى إذا فرغ منه قال : فعجب لي وجرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم , والله ورسوله أعلم , فوالله ما كان إلا يسيراً حتى نزلت هاتان الآيتان : ولاتصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره  إلى آخر الآية , فما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده على منافق ولا قام على قبره حتى قبضه الله عز وجل .( الترمذي)
ج ـ موافقته في أسرى بدر
حيث استشار النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر وعلياً في أسرى بدر فأشار أبو بكر بالفداء وأشار عمر بقتلهم فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول أبو بكر ونزل القرآن موافقاً لرأي عمر وأنزل الله تعالى: ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض  إلى قوله تعالى :  لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم الأنفال(67/68)
د ـ عمر ودعاؤه في تحريم الخمر
قال عمر : لما نزل تحريم الخمر , قال : اللهم بَيِّنْ لنا في الخمر بياناً شفاءً فنزلت هذه الآية التي في البقرة: يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير  البقرة (219 ) قال : فدعى عمر , فَقُرِئَتْ عليه فقال : اللهم بَيِّنْ لنا في الخمر بياناً شفاءً فنزلت الآية التي في النساء : يا أيها الذين آمنوا لاتقربوا الصلاة وأنتم سكارىالنساء(43 ) فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقام الصلاة نادى أن لا يقربن الصلاة سكران , فَدُعِيَ عمر فَقُرِئَتْ عليه, فقال: اللهم بَيِّنْ لنا في الخمر بياناً شفاءً, فنزلت الآية التي في المائدة فدُعي عمر فقُرئَت عليه فلما بلغ  فهل أنتم منتهون  المائدة ( 91 ) قال عمر : انتهينا , انتهينا . (صححه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند )

3- غيرة عمر رضي الله عنه على محارمه وبشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم له بقصر في الجنة :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رأيتني دخلت الجنة , فإذا بالرميصاء إمراة أبي طلحة , وسمعتُ خَشْفَةً,فقلت : من هذا ؟ فقال : هذا بلال , ورأيت قصراً بفنائه جارية , فقلت : لمن هذا ؟ فقال : لعمر فأردتُ أن أدخله فأنظُر إليه , فذكرتُ غَيِرَتكَ . فقال عمر : بأبي وأمي يارسول الله أعليك أغار ( البخاري )
وفي رواية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بينا أنا نائم رأيتني في الجنة , فإذا إمراة تتوضأ إلى جانب قصر فقلت لمن هذا القصر ؟ قالوا : لعمر , فذكرتُ غَيِرته فوليتُ مدبراً , فبكى عمر وقال : أعليك أغار يا رسول الله ؟( البخاري ) .
هذان الحديثان اشتملا على فضيلة ظاهرة لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث أخبر النبي صلى الله عليه وسلم برؤيته قصراً في الجنة للفاروق وهذا يدل على منزلته عند الله تعالى .
ومما يدل على بشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم له بالجنةكذلك هو وصاحبيه حديث أبي موسى الأشعري قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في حائط من حيطان المدينة , فجاء رجل فاستفتح , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : افتح له وبشره بالجنة , ففتحت له , فإذا أبو بكر , فبشرته بما قال النبي صلى الله عليه وسلم , فحمد الله ثم جاء رجل فاستفتح , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : افتح له وبشره بالجنة , ففتحت له فإذا هو عمر , فأخبرته بما قال النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله , ثم استفتح رجل , فقال افتح له وبشره بالجنة , على بلوى تصيبه فإذا عثمان , فأخبرته بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد لله , ثم قال : الله المستعان . ( رواه البخاري ) .
4- أحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه بعد أبي بكر :
قال عمرو بن العاص رضي الله عنه : قلت : يارسول الله أي الناس أحب إليك ؟قال : عائشة , قلت يا رسول الله , من الرجال ؟ قال : أبوها , قلت : ثم من ؟ قال : عمر بن الخطاب ثم عد رجالا. ( رواه البخاري ومسلم وابن حبان ) .
5ـ ثناء الرسول صلى الله عليه وسلم عليه :
حينما قال( إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه ،وفرق الله به بين الحق والباطل ) أخرجه الترمذي وابو داود وقال حسن صحيح
وقال صلى الله عليه وسلم (نعم الرجل أبو بكر نعم الرجل عمر...) رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع .
الإسلام يصنع شخصية عمر رضي الله عنه ( سيرته):
انظري إلى الإسلام كيف صنع شخصية هذا الرجل!هذا الرجل لم يكن له في الجاهلية شأن, كان رجلاً من رجال قريش مثله مثل كثير منهم يرعى إبل الخطاب( أبيه) في أودية مكة, ولكنه لمَاّ أسلم انقلبت وتكونت شخصيته بصورة جديدة, وهذا يبرز لنا أثر الإسلام, يَسلم هذا الرجل على اختلاف في روايات قصة إسلامه, فيعلن إسلامه في مكة, ويعمد إلى رجل هو جميل بن معمر الحجي-معروف بنقل الإخبار- فيقول له: أما علمت يا جميل أني قد أسلمت, ودخلت في دين محمد صلى الله عليه وسلم؟ فيخرج جميل يجر ثوبه, ويمر في أندية قريش, ويصرخ بأعلى صوته: يا معشر قريش, ألا إن عمر قد صبأ, وعمر رضي الله عنه من خلفه يقول: كذب, ولكن قد أسلمت, وشهدت أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له, وأن محمداً عبده ورسوله, فثاروا إليه فما برح يقاتلهم ويقاتلونه حتى قامت الشمس على رؤوسهم, فقعد من شدة التعب و الإعياء وقاموا على رأسه وهو يقول: افعلوا ما بدا لكم فأحلف أن لو كنا ثلاثمائة رجل لقد تركناها لكم, أو تركتموها لنا, يعني مكة. أخرجه الإمام احمد ابن حبان.
فلننظر كيف غيّر الإسلام شخصية عمر رضي الله عنه بين يوم وليلة! يتحول عمر رضي الله عنه ليصبح بعد ذلك ثاني الخلفاء الراشدين هكذا يصنع الإسلام الرجال. وبقي السؤال هنا بنياتي عن أنفسنا. حينما تقفز بنا عقود السنين, وتجري بنا مراحل العمر: فما هو أثر الإسلام وتعاليمه وآدابه على ذواتنا وشخصياتنا؟ هل نزداد يوماً بعد يوم فيتقوى إيماننا, ويزداد عملنا؟ وننجز في حياتنا وقدوتنا في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الفضلاء رضوان الله عليهم؟
تمر الأيام والليالي وعمر هو الساعد الأيمن لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أبي بكر، ثم يقبض الله نبيه صلى الله عليه وسلم إليه, فيستخلف المسلمون أبا بكر رضي الله عنه, ثم يتولى عمر رضي الله عنه الخلافة بعد موت أبي بكر, فيصنع الأعاجيب ويقاتل الفرس والروم ويُرسي دعائم الدولة على أسس ثابتة حتى أصبح أمر الإسلام والمسلمين عجباً ولا زال اسم الدولة الإسلامية بما اقترنت به من عدل وإخاء ومحبه ولازال هذا كله مرتبطاً باسم عمر بن الخطاب رضي الله عنه. يقوم على سياسة دولة مترامية الأطراف, ويمسك بيده بمقاليد الأمور فيها, فرداً فرداً, وجماعةً جماعةً، وقطراً قطراً، والمال يجري من بين يديه, فيدخل كل بيت من بيوت المسلمين. ومفاتن الدنيا كلها معروضة عليه والغالي والنفيس بين يديه. وحياة الأكاسرة والأباطرة مشهودة له. ثم هو مع ذلك يكون على تلك الصورة الفريدة في دنيا الناس وكانت أحداثه ملء أسماع الناس وأبصارهم .. ثم لا تزال ملء سمع الزمن وبصره إلى ما شاء الله من عمر هذه الدنيا. فلقد كان لعمر رضي الله عنه في كل معركة رأي بارز وموقف مشهود وقد أَمَّرَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على بعض السرايا, وشهد بدراً وأحداً والخندق وبيعة الرضوان وخيبر والفتح وحُنيناً والطائف وتبوك .. وسائر المشاهد وكان ممن ثبت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد.
وفي كل ذلك كان عمركما هو بكل حزمه وعزمه, وتصميمه الذي لا يعرف التراجع, و إصراره الذي لا يقبل التردد, ووضوحه الذي يرفض المراوغة والغموض فلقد كان كذلك في جاهليته, فكيف وهو في الإسلام, فلن يزيده ذلك إلا تماسكاً وقوة وحزماً وعزماً وصلابةً ووضوحاً فلا نعجب إن ارتفعت رايات عدله الخفاقة, وفتوحاته المظفرة تزيد المسلمين عزةً ورفعةً وكرامةً وحباً وانتماءً لهذا الدين.
فبعد غزوة احد حين أراد أبو سفيان الانصراف وأشرف على الجبل معتزاً بإنتصار قريش _ ثم صرخ بأعلى صوته: أن الحرب سِجَال _ أي نصرتها بينهم متداولة _, يوم بيوم بدر؟ أعلى هبل _ أعظم الأصنام عند الكعبة _ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قم يا عمر فأجبه)فقال: الله أعلى وأجل, ولا سواء: قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار.
وفي رواية أن أبا سفيان وقف عليهم فقال: أفيكم محمد؟ فقال صلى الله عليه وسلم: لا تجيبوه, ثم قال: أفيكم محمد؟ فلم يجيبوه،ثم قال الثالثة فلم يجيبوه. ثم قال أفيكم ابن أبي قحافة؟ قالها ثلاثاً فلم يجيبوه. ثم قال: أفيكم ابن الخطاب؟ ثلاثاً فلم يجيبوه, فقال أما هؤلاء فقد كفيتموهم, فلم يملك عمر نفسه أن قال: كذبت يا عدو الله هاهو رسول الله و أبو بكر و أنا أحياء.
ورجل هذه صفاته, وتلك إمكاناته وطاقاته, نراه يدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما وجد شيئاً ينال من قداسة الرسالة ومقام النبوة, لا للذبّ عن مكانة النبي صلى الله عليه وسلم السامقة الشاهقة وحسب, بل لأنه يعتقد تمام الاعتقاد أن أَيُّ تطاولٍ أو تعدٍ على شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم هو خدش لحرمات الشريعة وجرأة على مكانتها.
فهذا حبرٌ من اليهود زيد بن سعنه يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم يتقاضاه ديناً, وكان قد عَرَفَ فيه كل علامات النبوة إلا اثنتينSadيسبق حلمه جهله, ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلماً). يقول زيدSad فلما حل الأجل أتيته فأخذت بمجامع قميصه وردائه وهو في جنازة مع أصحابه -ونظرت إليه بوجه غليظ-, وقلت: يا محمد ألا تقضني حقي؟ فو الله ما علمتكم بني عبد المطلب لمُطل. قال فنظر إلي عمر وعيناه تدوران في وجهه كالفلك المستدير: ثم قال: يا عدو الله, أتقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما أسمع, وتفعل ما أرى؟ فوالذي بعثه بالحق لولا ما أحاذر من لومه لضربت بسيفي رأسك. ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى عمر في سكون وتؤده, وتبسم ثم قال( أنا وهو كنا أحوج إلى غير هذا منك يا عمر, أن تأمرني بحسن الأداء وتأمره بحسن التباعة. اذهب يا عمر فاقضه حقه, وزده عشرين صاعاً من تمر، فأسلم زيد. رواه البخاري ومسلم
إن حب عمر بن الخطاب رضي الله عنه لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم يظهر في كل تصرفاته وفي كل أفعاله وأقواله. وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين) فقال له عمر رضي الله عنه :يا رسول الله لانت أحب إليّ من كل شيء إلا من نفسي فقال صلى الله عليه وسلم ( لا والذي نفسي بيده ،حتى أكون أحب إليك من نفسك) فقال له عمر:فإنه الآن : والله لأنت أحب إليّ من نفسي فقال النبي صلى الله عليه وسلم الآن يا عمر) رواه البخاري .
ولم يقف عمر رضي الله عنه عند هذا الحد في حب رسول الله صلى الله عليه وسلم بل بلغ الأمر إلى أن يُؤثر ما يحبه الرسول صلى الله عليه وسلم على ما تحبه نفسه رضي الله عنه(ومن ذلك تفضيل عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأسامة بن زيد على ولده عبدالله بن عمر لحب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأسامة وأبيه).
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (لما فرض عمر لأسامة بن زيد ثلاثة آلاف وفرض لي ألفين وخمسمائة فقلت له: يا أبتِ لِمَ تفرض لأسامة بن زيد ثلاثة آلاف وتفرض لي ألفين وخمسمائة والله ما شهد أسامة مشهداً غبت عنه ولا شهد أبوه مشهداً غاب عنه أبي قال: صدقت يا بني ولكني أشهد لأبوه كان أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيك ولهو أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك ) رواه الحاكم وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
فهذا موقف إيماني من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يُظهر فيه شدة محبة الصحابة الكرام لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإيثار من هو أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هكذا كان حب عمر رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته ولكن كيف كانت مشاعره عند وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وماذا فعل عند سمع هذا الخبر؟
يقول ابن إسحاق برواية مرفوعة إلى أبي هريرة: قام عمر بن الخطاب في الناس فقال: إن رجالاً من المنافقين يزعمون إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توفي وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما مات ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران فقد غاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم بعد أن قيل قد مات ووالله ليرجعن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما رجع موسى فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات.
وأقبل أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- حتى نزل على باب المسجد، وعمٌر يكلم الناس، فلم يلتفت إلى شيء حتى دخل أبو بكر على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرج وعمر يكلم الناس فقال أبو بكر: على رسلك يا عمر أنصت فأبى عمر إلا أن يتكلم فلما رآه أبو بكر لا ينصت أقبل على الناس فلما سمع الناس كلامه أقبلوا عليه وتركوا عمر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس إن من كان يعبُدُ محمداً فان محمداً قد مات ومن كان يعبدُ الله فان الله حي لا يموت ثم تلا هذه الآية (وما محمدُُ إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين) آل عمران(144) .ثم يروي أبو هريرة عن عمر أنه قال والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت، حتى وقعت إلى الأرض ما تحملني رجلاي.. وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات. ولا زال عمر الفاروق رضي الله عنه يترجم لنا هذه المحبة لرسول الله بعد مماته فكان رضي الله عنه من أبر الأمة قلباً ومن أوفر الناس نصيباً من هذه المحبة حينما يحب أن يدفن إلى جوار رسول الله وأبي بكر هذا ما سوف نتعرف عليه بالتفصيل في هموم الفاروق في آخر لحظات حياته رضي الله عنه وأرضاه.
وقفة: لاشك في أن حُبُ النبي صلى الله عليه وسلم من الإيمان، والإيمان يزيد وينقص وكلما ازداد إيمان العبد ازداد حبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد قام الصحابة الكرام بلوازم هذه المحبة لرسوله صلى الله عليه وسلم ففدوه بآبائهم وأمهاتهم وأبنائهم، فكانت محبتهم له صلى الله عليه وسلم أكثر من محبة الآباء والأبناء والزوجات والأموال وقاتلوا دونه ورفعوا رايته وأعزوا سنته، ونصروا شريعته.
فما أحوجنا بنياتي إلى الوقوف على مثل هذه المواقف من عمر ومن غيره من الصحابة التي تشحذ الهمم في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم والمسارعة في إتباع سنته، ولزوم شريعته فمحبته من أعظم أسباب محبة الله عز وجل قال تعالى: ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم) آل عمران (31).
تقديره واحترامه لأبي بكر:
عن جبير بن نفير : أن نفراً قالوا لعمر بن الخطاب : ما رأينا بعد رسول الله أقضى بالقسط , ولا أقول للحق ولا أشد على المنافقين منك يا أمير المؤمنين , فأنت خير الناس بعد رسول الله , فقال عوف بن مالك : كذبتم – والله – لقد رأينا بعد رسول الله صلى الله عليه , فقال : من هو ؟ فقال : أبو بكر فقال عمر : صدق عوف , وكذبتم , والله لقد كان أبو بكر أطيب من ريح المسك , وأنا أضل من بعير أهلي – يعني قبل أن يسلم – لأن أبا بكر أسلم قبله بست سنين .وهذا يدل على تواضع عمر وتقديره للفضلاء ولا يقتصر على الأحياء منهم , ولكنه يعم منهم الموتى كذلك , فلا يرضى أن ينكر فضلهم أو يغفل ذكراهم , ويظل يذكرهم بالخير في كل موقف , ويحمل الناس على احترام هذا المعنى النبيل وعدم نسيان ما قدموه من جلائل الأعمال , فيبقى العمل النافع متواصل الحلقات يحمله رجال من رجال إلى رجال , فلا ينسى العمل الطيب بغياب صاحبه أو وفاته وفي هذا وفاء وفيه إيمان .
إن عمر رضي الله عنه لا يُغْفَلَ فضل من سبقه في هذا المقام ولا يرضى أن تذهب أفضال السابقين أدراج النسيان . أليس من الخير أن يربى الناس على هذه الخلال السامية ؟ لقد تربى عمر على كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام فعلماه التربية والأخلاق, وما يزال كتاب الله بين أيدينا وما تزال سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم محفوظة لدينا وفيها علم وتربية وأخلاق بما لا يقاس عليه .
التربية القرآنية والنبوية لعمر بن الخطاب رضي الله عنه
كان المنهج التربوي الذي تربى عليه عمر بن الخطاب وكل الصحابة الكرام هو القرآن الكريم , المُنَزَّلَُ من رب العالمين ,فهو المصدر الوحيد للتلقي , فقد حرص الحبيب المصطفى على توحيد مصدر التلقي وتفرده , وأن يكون القرآن الكريم وحده هو المنهج , والأساس الذي يتربى عليه الفرد المسلم , والأسرة المسلمة , والجماعة المسلمة , فكانت للآيات الكريمة التي سمعها عمر من رسول صلى الله عليه وسلم مباشرة أثرها في صياغة شخصية الفاروق رضي الله عنه , فقد طَهَّرَتْ قلبه , وَزُكَّتْ نفسه , وتفاعلت معها روحه , فتحول إلى إنسان جديد بقيمة ومشاعره وأهدافه وسلوكه وتطلعاته .
فقد خرج رضي الله عنه ذات ليلة في خلافته يعس بالمدينة , فمر بدار رجل من المسلمين , فوافقه قائماً يصلي,فوقف يسمع قراءته , فقرأ :  والطور , وكتاب مسطور , في رق منشور , و البيت المعمور,والسقف المرفوع , والبحر المسجور  إلى أن بلغ إن عذاب ربك لواقع  الطور (7)
قال : قسم ورب الكعبة حق . فنزل عن حماره فاستند إلى حائط فمكث ملياً , ثم رجع إلى منزله فمرض شهراً يعوده الناس لا يدرون ما مرضه .
عمر والأمانة وتحمل المسئولية : الأمانة عند عمر رضي الله عنه، سلطان قائم على الضمير، لا يغفل ولا يحيد عن ما رسمه ديننا الحنيف .
عن محمد بن علي، عن مولى لعثمان بن عفان، قال: بينما أنا مع عثمان في مال له في العافية، موضع خارج المدينة تروح فيه الإبل في يوم صائف، إذ رأى رجلاً يسوق بِكرين، وعلى الأرض مثل الفرش من الحر فقال عثمان: ما على هذا لو أقام بالمدينة حتى يبرد ثم يروح؟ ثم دنا الرجل، فقال عثمان: أنظر من هذا؟ فنظرت،فقلت أرى رجلاً معمماً يسوق بِكرين، ثم دنا الرجل، فقال عثمان: انظر، فنظرت، فإذا هو عمر بن الخطاب، فقلت: هذا أمير المؤمنين، فقام عثمان فأخرج رأسه من الباب، فإذا لفح السموم، فأعاد رأسه، حتى إذا حاداه قال عثمان: ما أخرجك هذه الساعة؟ قال: بكران من إبل الصدقة تخلفا، وقد مضى الرعاة بإبل الصدقة فأردت أن ألحقهن بالحمى – مكان حماة الخليفة عمر، ظاهر المدينة ليكون مَراحاً لإبل الصدقة -وخشيت أن يضيعا، فيسألني الله عنهما. فقال عثمان: يا أمير المؤمنين: هلم إلى الماء والظل ونكفيك! فقال عمر: عد إلى ظلك. فقال عثمان: عندنا من يكفيك . فقال عمر: عد إلى ظلك. ومضى .. فقال عثمان: من أراد أن ينظر إلى القوي الأمين فلينظر إلى هذا وأشار إلى عمر.
وكان عمر رضي الله عنه في تحمل المسؤولية نمط فذ، وقدوة صالحة بدليل موقفه عام الرمادة، حيث أعطى البشرية عامة درساً في الأمانة، ومثلاً في السهر على أمور الناس، وكانت له آنئذ مواقف مترعة بالجلال والإكبار، وتعالت على الوصف، وتناهت في الكمال.
فقد عم أرض الحجاز قحط ومَحْل، فأصاب الناس جهد شديد، وأجدبت البلاد، وهلكت الماشية وجاع الناس حتى كانوا يستفّون الرّمة واسودت الأرض من قلة المطر حتى عاد لونها شبيهاً بالرماد، فسمى ذلك العام عام الرمادة. فاغتم عمر لذلك غماً شديداً، وكان يجأر إلى الله تعالى بالدعاء في الليل حتى رفع الله تعالى البلاء حين أرسل إليه عمر بن العاص واليه على مصر ما يحتاجه الناس من الطعام، وقال لعمر( فقد أتاك الغوث فلبّث لبّث، لأبعثن إليك ببعير أولها عندك وآخرها عندي) الطبقات الكبرى.
واستقى عمر والمسلمون، فلما بلغوا المنازل راجعين حتى خاضوا الغدران وأطبقت السماء عليهم أياماً. لقد كان عمر ينفق درهمين كل يوم له ولعياله. الطبقات لابن سعد.
وقفات مع مواقف عمر :
من مواقف عمر في عام الرمادة نستنبط الفوائد والدروس ومن ذلك:
1- تحمل المسئولية فإحساسه بالأمانة الملقاة على عاتقه كان ممزوجاً بقلبه وعقله باقياً على أثر صاحبيه من قبله النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر.
2- حبه وولاءه لوطنه وانتماؤه إليه وهكذا يجب أن يكون المواطن الصالح والمواطنة الصالحة إنسان يحب وطنه ويعتز به يمد يد العطاء, بجميع أنواعه حتى في أحاسيسه ومشاعره لكل فرد من أفراد وطنه هو محتاج إليه. المواطن الصالح إنسان بناءّ معطاءّ يفيض بالبر والرحمة والتآلف والمواساة والإيثار هو فرد لا يعطي نفسه حريتها المطلقة, وإنما يضبط هذه الحرية بضوابط الشريعة, ويسأل الله دوماً لوطنه دوام النعم, وعلو الشأن والأمن والإستقرار والرخاء. فعمر رضي الله عنه في صبره ووقفته مع أفراد وطنه قد حققّ معنى المواطنة الصالحة التي يسعى دين الإسلام من جميع أفراده قلباً وفكراً وروحاً وعملاً يسعد به الجميع .
- وعمر رضي الله عنه لم يكتفي أن يتصف بالأمانة ومراقبة الله مع نفسه فقط بل امتد ذلك في شخصه مع الأقربين إلى أن يُكافأ من يتصف بها ويمنحه التعزيز حسياً كان أو معنوياً فهو رضي الله عنه لا تمر به الأمور مهما صغرت دون أن ينظر فيها, ويستلهم العبرة منها, ويجني الثمر المرجو من ثمارها .
روى أسلم قال: كنت مع عمر رضي الله عنه_ وهو يعس بالمدينة يتفقد أحوال الناس ليلاً- إذ سمع امرأة تقول لابنتها: قومي يا بنية إلى هذا اللبن, بعد المشرقين فأمذقيه – أي اُخلطيه بالماء – فقالت البنت: أو ما علمت من عزمة أمير المؤمنين بالأمس؟ قالت:و ما هو؟ قالت إنه أمر منادياً ينادي ألا يُشاب – أي يُخالط اللبن بالماء. فقالت:فأنك بموضع لا يراك فيه أمير المؤمنين ولا منادي أمير المؤمنين قالت الفتاة والله ما كنت أطيعه في الملا – أي على أعين الناس – وأعصيه في الخلاء, وعمر يسمع ذلك، فقال: يا أسلم: أعرف هذا الباب ثم مضى في عسه, فلما أصبح قال: يا أسلم: امضي إلى الموضع فانظر من القائلة, ومن المقول لها, وهل لهما من بعل؟ أي زوج . قال أسلم: فأتيت الموضع, فنظرت, فإذا الجارية أيم أي يتيمة وإذا المتكلمة بنت لها, ليس لها رجل ..فجئت فأخبرته, فجمع عمر ولده, وقال: هل يريد أحد منكم أن يتزوج فأزوجه امرأة, فتاة صالحة ..فقال عاصم ابنه:أنا فزوجها عاصماً, فولدت له بنتاً لقبتها أم عاصم, هي أم عمر بن عبد العزيز.

تواضعه وعبادته رضي الله عنه : لقد بلغ رضي الله عنه أوجاً شاهقاً في الإيمان والتقوى والعبادة والخشوع, وعمر الذي كان بين الصحابة متفرداً بالصرامة والصراحة والقوة في الحق والشدة في دين الله. هو نفسه الخاشع الضارع المخبت الذي ذلت له نفسه في الله. بل ذل له شيطانه الذي لم يجرؤ أن يسير في طريق يسلكه عمر, وفي ذلك يقول عليه الصلاة والسلام( إيهاً يا ابن الخطاب, والذي نفسي بيده مالقيك الشيطان قط سالكاً فجاً إلا سلك فجاً غير فجك) رواه البخاري ومسلم.
وكان في صلاته شديد الإنابة والتبتل, واسع الخشية, يقف بين يدي الله تعالى في خشوع وخضوع. فقد كان يصلي بالمسلمين أيام خلافته ويقرأ في صلاة العشاء وصلاة الفجر سورة يوسف, فكان إذا قرأ هذه السورة يسمع الناس نشيجه من وراء الصفوف, وكان يُكثر من قراءة هذه السورة في صلاتي الفجر والعشاء.
عن عبدا لله بن شداد بن الهاد قال: سمعت عمر رضوان الله عليه, يقرأ في صلاة الصبح سورة يوسف, فسمعت نشيجه, واني لفي آخر الصفوف, وهو يقرأ ( إنما أشكو بثي وحزني إلى الله). وعن عبدا لله بن عيسى قال: كان في وجه عمر رضي الله عنه خطان أسودان من البكاء, وفي رواية خطان مثل الشراك من البكاء. وعن الحسن رحمه الله تعالى قال: كان عمر رضوان الله عليه يمر بالآية من وِرْدُهِ بالليل: فيبكي حتى يسقط, ويبقى في البيت حتى يُعادَ للمرض. مناقب عمر لابن الجوزي
كان كثير السؤال عن التقوى فنادى مرة أبي بن كعب وقال له: حدثني عن التقوى .. فقال له: يا أمير المؤمنين, أرأيت لو كنت تمشي في حقل كثير الشوك. ماذا تفعل؟ قال: أشمر وأجتهد فقال: فذلك التقوى. أي شمر لطاعة الله وأجتهد ألا تعصي الله .
زهده:
والعجيب فيه رضي الله عنه أنه كان على درجة من التواضع لا يطمع بالوصول إليها, وليس شيء يميز الطبائع السوية المستقيمة أعظم من نأيها عن الغرور. ولو كان في الدنيا رجل لابد للغرور أن يقتحم أسوار نفسه المنيعة لكان عمر؛ لكثرة مزاياه وتفوق خصائصه, وروعة أمجاده, وتزاحم انتصاراته, وكثرة فتوحاته المظفرة.
فهو الرجل الذي دخل الإسلام بقوة, وجهر به كالشمس لا يعبأ بظلام الشرك, ونعته النبي صلى الله عليه وسلم بالفاروق, وهاجر جهاراً نهاراً, وخاض تحت لواء النبي صلى الله عليه وسلم المعارك, وحضر المشاهد, وتنـزل الوحي بتأييد آرائه في غير ما موضع, ولذلك قال ابنه عبدالله عند وفاة أبيه(كان رأس عمر على فخذي في مرضه الذي مات فيه, فقال لي:ضع رأسي على الأرض, قال: فقلت وما عليك كان على فخذي أم على الأرض؟ قال ضعه على الأرض, قال: فوضعته على الأرض، فقال:ويلي وويل أمي إن لم يرحمني ربي) (حلية الأولياء)
وجاء أنّ عمر دخل على الرسول صلى الله عليه وسلم في مَشْرَبِه, والرسول صلى الله عليه وسلم نائم على حصير قد أثر في جنبه, وما في المشربة(الغرفة) إلا شيء من شعير معلق. فنظر عمر للرسول, فرأى الحصير قد أثر على جنبه, هذا الخصف الذي ينسج من سعف النخل أثر في جنبه, فقال عمر للرسول صلى الله عليه وسلم: اُدع الله فليوسع على أمتك, فان فارس والروم وسّع عليهم وأُعطوا الدنيا وهم لا يعبدون الله, وكان متكئاً-أي الرسول صلى الله عليه وسلم- فقال( أو في شك أنت يا ابن الخطاب؟ أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا) فقلت ( أي: قال عمر) يا رسول الله, استغفر لي فأخذ عمر من هذا الموقف درساً لم ينسه.
حكمه وأقواله رضي الله عنه : نطق عمر بن الخطاب – رضي الله عنه- في حياته بالكثير من الكلمات المفيدة وخرج من فمه الكثير من الخطب والمواعظ العظيمة فجرت على لسانه رضي الله عنه ينابيع الحكمة, وفاضت قريحته بمواعظ وعبر, وهي نعمة من لدن الفتاح العليم يفتح الله بها على من يشاء من عباده,وفي حقيقة الأمر ما
كانت كلمات عمر وأقواله وخطبه ومواعظه إلا درر نفيسة غالية وحكماً بليغة سامية يا حبذا لو تدبرها كل من قرأها أو سمعها ليجعلها مَعْلَماً من معالم سيره وقبساً وضَّاءاً يُضيء له الطريق في حياته.
Admin
Admin
Admin

عدد المساهمات : 556
تاريخ التسجيل : 23/08/2011

https://alcot.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 سيرة عمر بن الخطاب  رضي الله عنه Empty ومن أقواله رضي الله عنه:

مُساهمة  Admin الخميس سبتمبر 29, 2011 3:54 am

ومن أقواله رضي الله عنه:
1- قال رضي الله عنه للناس ناصحاً ومُرشداً: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا, وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا, فإنه أهون عليكم في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم, وتزينوا للعرض الأكبر ( يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية ) سورة الحاقة 18.
ونهى عن كثرة الضحك والكلام, فقال للأحنف( يا أحنف, من كثر ضحكه قلت هيبته, ومن مزح اسْتُخف به, ومن أكثر من شيء عُرِف به, ومن كثر كلامه كثر سقطه, ومن كثر سقطه قل حياؤه, ومن قل حياؤه قل ورعه, ومن قل ورعه مات قلبه ).
2- قال ابن عباس رضي الله عنه: خطب عمر فقال( إياكم والبطنة) فإنها مكسلةعن الصلاة, مفسدة للجسم, مؤدية إلى السقم, وعليكم بالقصد في قوتكم فهو أبعد عن السرف وأصح للبدن, وأقوى على العبادة, وإن العبد لن يهلك حتى يؤثر شهوته على دينه).
3- قال رضي الله عنه ( ما وجد أحد في نفسه كبراً إلا من مهانة يجدها في نفسه ).
4- قال رضي الله عنه ( أعقل الناس أعذرهم للناس ).
5- كان مجلس عمر بن الخطاب رضي الله عنه غَاصَّاً بالقّراء شباباً وكهولاً فربما استشارهم ويقول ( لا يمنع أحدكم حداثة سنة أن يشير برأيه, فإن العلم ليس على حداثة السن وقدمه, ولكن الله تعالى يضعه حيث يشاء).
6- قال رضي الله عنه( من عّرض نفسه للتهمة فلا يلومّن من أساء به الظن ومن كتم سره كانت الخيرة في يده, ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك منه ما يغلبك, ولا تظن بكلمة خرجت من أخيك المسلم شراً وأنت تجد لها في الخير محملاً وما كافأت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه, وعليك بإخوان الصدق فكّثر في اكتسابهم, فإنهم زينٌ في الرخاء، وعدةٌ عند عظيم البلاء, ولا تهاون بالحلف بالله فيهينك الله).
7- وقال رضي الله عنه( لا يكون الرجل عالماً حتى لا يحسد من فوقه و لا يحقر من دونه, ولا يأخذ على علمه أجراً) .
8- وقال رضي الله عنه (تعلموا العلم وعلموه الناس, وتعلموا الوقار والسكينة, وتواضعوا لمن تعلمتم منه العلم وتواضعوا لمن علمتموه العلم ) .
وقيل فيه رضي الله عنه:
1- عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قالSad أشد الناس في أمر الله عمرُ ) .
2- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه وهو الفاروق فَرَّقَ الله به بين الحق والباطل) .
3- وقال عنه علي بن أبي طالب رضي الله عنه ( ما علمتُ أحداً هاجر إلا مختفياً إلا عمر بن الخطاب )
4- بكى سعيد بن زيد رضي الله عنه حين مات عمر وقال (على الإسلام أبكي, إن موت عمر ثَلَمَ الإسلام ثلمه لا ترتق إلى يوم القيامة) .
5- قال عبدا لله بن سلام بعد أن صلى على جثمان عمر: نعم أخو الإسلام كنت يا عمر. جواداً بالحق. بخيلاً بالباطل ترضى حين الرضا. وتغضب حين الغضب. عفيف الطرف. طيب الظرف. لم تكن مداحاً ولا مغتاباً.
6- قال: عبدا لله بن مسعود رضي الله عنه عن عمر (كان إسلام عمر فتحاً, وكانت هجرته نصراً, وكانت إمارته رحمه, ولقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي بالبيت حتى أسلم عمر, فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا فصلينا).
7- قال عبد الله بن مسعود لما مات عمر: إن عمر كان حصناً حصيناً للإسلام يدخلون فيه ولا يخرجون, فلما مات عمر أنثلم الحصن فالناس يخرجون من الإسلام .
8- عن عائشة رضي الله عنها قالت : كنت أدخل بيتي الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي , فلما دفن عمر معهما فوا لله ما دخلته إلا وأنا مشدودة على ثيابي حياءً من عمر .
9- قال عبد الله ابن مسعود : لو أن عِلْمَ عمر بن الخطاب وضع في كفة الميزان , ووضع علم الأرض في كفة لرجح علم عمر , ( مصنف بن أبي شيبة ) إسناده صحيح .
10- وقال أيضاً : إني لأحسب عمر قد ذهب بتسعة أعشار العلم . ( المعجم الكبير للطبراني ) إسناد صحيح .
غزواته :
اتفق العلماء على أن عمر رضي الله عنه شَهِدَ بدراً وأحدً والمشاهد كلها مع رسول الله ولم يغب عن غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهد مع بدر و أحد غزوة بني المصطلق والخندق وصُلح الحديبية وخيبر وسرية إلى هوازن وفتح مكة وغزوة حُنين وتبوك .
جهوده في جمع القرآن الكريم :
كان من ضمن شهداء المسلمين في حرب اليمامة ,كثير من حفظة القرآن, وقد نتج عن ذلك أن قام أبو بكر رضي الله عنه بمشورة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بجمع القرآن حيث جُمِعَ من الرقاع والعظام والسعف ومن صدور الرجال , وأسند الصديق هذا العمل العظيم إلى الصحابي زيد بن ثابت الأنصاري , قال زيد بن ثابت رضي الله عنه : أَرْسَلَ إليّ أبو بكر رضي الله عنه مقتل أهل اليمامة , فإذا عمر بن الخطاب عنده , قال أبو بكر رضي الله عنه : إن عمر أتاني فقال : إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن , وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن , وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن , قلت لعمر : كيف تفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟قال : عمر : هذا والله خير , فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك , ورأيت في ذلك الذي رأى عمر , قال زيد : قال أبو بكر : إنك رجل شاب عاقل, لا نتهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم , فتتبع القرآن فاجمعه . قال زيد : فو الله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليَ مما أمرني به من جمع القرآن . (البخاري )
وقد اتضح لنا من هذه الواقعة كذلك كيف كان الصحابة يجتهدون في جو من الهدوء يسوده الود والاحترام , هدفهم الوصول إلى ما يُحقق الصالح العام لجماعة المسلمين , وأنهم كانوا ينقادون إلى الرأي الصحيح وتنشرح قلوبهم له بعد الاقتناع والاقناع , فإذا اقتنعوا بالرأي دافعوا عنه كما لو كان رأيهم منذ البداية , وبهذه الروح أمكن انعقاد إجماعهم حول العديد من الأحكام الاجتهادية .
إنجازات الفاروق رضي الله عنه :
كان أمير المؤمنين الفاروق رضي الله عنه مثالاً , للمؤمن النقي الورع , القوي الأمين , الحصن المنيع للأمة وعقيدتها , قضى رضي الله عنه خلافته كلها في خدمة دينه وعقيدته وأمته التي تولى أمر قيادتها , فكان القائد الأعلى للجيش والفقيه المجتهد الذي يرجع الجميع إلى رأيه , والأب الحنون الرحيم الصادق المؤمن بالله ورسوله , الحكيم الحازم , وتوطدت في عهده دعائم الدولة الإسلامية , وتحققت بقيادته أعظم الانتصارات على الفرس في معارك الفتوح , فكانت القادسية والمدائن وجلولاء ونهاوند , وتم فتح بلاد الشام ومصر من سيطرة الروم البيزنطيين , ودخل الإسلام في معظم البلاد المحيطة بالجزيرة العربية , وكانت خلافته سداً منيعاً أمام الفتن
1- من أولياته في العبادة:
- أول من جمع الناس على صلاه التراويح .
- أول من وسع المسجد النبوي .
- أول من أعطى جوائز لِحَفَظَةِ القرآن الكريم .
- أول من أَخَّرَ مقام إبراهيم .
2- من أولياته :
- أول من سُمي بأمير المؤمنين من الخلفاء .
- أول من وضع تاريخاً للمسلمين و أتخذ التاريخ من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
- هو أول من عسعس في الليل بنفسه.
- أول من أتخذ الدرة ( عصا صغيره ) و أَدَّبَ بها .. حتى أن قال الصحابة:و الله لدرة عمر أعظم من أسيافكم و أشد هيبة في قلوب الناس
- أول من مَصَّرَ الأمصار .
- أول من مَهَّدَ الطرق
3- في العلاقات العامة :

- أجلى اليهود عن الجزيرة العربية .
- أسقط الجزية عن الفقراء والعجزة من أهل الكتاب .
- أعطى فقراء أهل الكتاب من بيت مال المسلمين.
- منع هدم كنائس النصارى .
- أخذ الجزية من أهل الكتاب على حسب المستوى المعيشي .

4- في مجال السياسة :

- أول من دَوَّنَ الدواوين .
- أول من أتخذ دار الدقيق ( التموين ( .
- أول من أوقف في الإسلام ( الأوقاف ) .
- أول من أحصى أموال عماله وطالبهم بكشف حساب أموالهم .
- أول من اتخذ بيتا لأموال المسلمين .
- أول من ضرب الدراهم و قدر وزنها .
- أول من أخذ زكاه الخيل .
- أول من جعل نفقه اللقيط من بيت المال.
- أول من مسح الأراضي وحدد مساحاتها .
- أول من اتخذ داراً للضيافة .
- أول من أقرض الفائض من بيت المال للتجارة .
- أول من حمى الحمى.

5- في مجال الحرب :
- أقام المعسكرات الحربية الدائمة في دمشق و فلسطين والأردن .
- أول من أمر بالتجنيد الإجباري للشباب و القادرين.
- أول من حرس الحدود بالجند.
- أول من حدد مده غياب الجنود عن زوجاتهم) 4أشهر ).
- أول من أقام قوات احتياطيه نظاميه ( جمع لها ثلاثون ألف فرس ) .
- أول من أمر قادته بموافاته بتقارير مفصله مكتوبة بأحوال الرعية من الجيش.
- أول من دون ديوان للجند لتسجيل أسمائهم و رواتبهم .
- أول من خصص الأطباء و المترجمين و القضاة و المرشدين لمرافقه الجيش .
- أول من أنشأ مخازن للأغذية للجيش .
Admin
Admin
Admin

عدد المساهمات : 556
تاريخ التسجيل : 23/08/2011

https://alcot.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 سيرة عمر بن الخطاب  رضي الله عنه Empty آخر لحظات الفاروق رضي الله عنه:

مُساهمة  Admin الخميس سبتمبر 29, 2011 3:54 am

آخر لحظات الفاروق رضي الله عنه:
ولننظر إلى صورة مقتل أمير المؤمنين رضي الله عنه: كيف عاش الساعات الأخيرة من عمره؟ هذه الساعات التي يُؤمن فيها الكافر, ويعيا فيها الشاعر, والتي هي أجلً محتوم لابد أن يمر به كل إنسان ,ففي هذا الموقف نرى مِصداق قول الله عز وجل( قل إن صلاتي و نسكى ومحياي ومماتي لله رب العالمين) الإنعام 162. وندرك أن عمر الذي كان محياه لله وصار مماته أيضا لله عز وجل.
وكان من عادة عمر إذا دخل المسجد وأقيمت الصلاة تأخر بين كل صفين فيقول: استووا حتى لا يُرى خللاً, ثم يستقبل الصف المقدم بوجهه فإن رأى رجلاً متقدما في الصف أو متأخراً ضربه بالدرة حتى إذا لم ير خللا تقدم فكبر وربما قرأ سورة يوسف أو النحل أو نحو ذلك في الركعة الأولى حتى يجتمع الناس فما هو إلا حين طُعن (فقد طعنه أبو لؤلؤة المجوسي ثلاث طعنات, كانت إحداها تحت سرته فمزق فُتاته, ونفذت إلى جوفه وكان على عمر إزار أصفرُ قد رفعه إلى صدره فلما طعن قال: وكان أمر الله قدراً مقدوراً، وتناول عمر يد عبد الرحمن بن عوف فقدمه للصلاة وطار العلج بالسكين التي معه لا يمر على أحد يميناً ولا شمالاً إلا طعنه حتى طعن ثلاثة عشر رجلاً فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه ثوباً فلما علم أبو لؤلؤة أنه مأخوذ نَحَرَ نفسه, فأما الذين كانوا خلف عمر فقد رأوا ما جرى, وأما نواحي المسجد فإنهم لا يدرون غير أنهم قد فقدوا صوت عمر وهم يقولون: سبحان الله! سبحان الله!فصلى بهم عبد الرحمن صلاة خفيفة ثم غلب عمر النزف حتى غَشي عليه فاحْتُمِلَ إلى بيته فلم يزل في غشيةٍ حتى أسفر فلما أفاق نظر في وجوه من حوله ثم قال: أصلى الناس؟ قالوا: نعم قال: لا إسلام لمن ترك الصلاة ثم توضأ وصلى وجرحه يثعب دماً, ثم قال رضي الله عنه يا ابن عباس انظر من قتلني ؟ فجال ساعة، ثم جاء فقال: غلام المغيرة أي أبو لؤلؤة المجوسي _ واسمه فيروز_ قال الصَّنع-أي الذي يصنع بيده, وكان أبو لؤلؤة صانعاً- ؟ ثم قال: نعم قال: قاتله الله, لقد أمرت به معروفاً, الحمد لله الذي لم يجعل ميتتي بيد رجل يدعي الإسلام).
لقد كان عمر _ رضي الله عنه _ يتمنى هذه الميتة، ويتشوق إلى هذا المصرع فإنه بعد أن انتهى من حجَّة في العام الذي قُتِلَ فيه وأقام بالبطحاء جمع كومة من تراب ثم فرش عليها رداءه ثم استلقى ورفع يديه إلى السماء وقال(اللهم كَبرُتْ سني وضَعُفَتْ قوتي واْنتَشَرتْ رعيتي , فاقبضني إليك غير مُضَيِّعٍ ولا مُفرط) أخرجه الإمام مالك في الموطأ من حديث أبي سعيد الخدري ورجاله ثقات.
وفي الحديث الصحيح عنه أنه كان يقول (اللهم ارزقني شهادة في سبيلك, واجعل موتي في بلد رسولك صلى الله عليه وسلم) أخرجه البخاري من حديث أسلم مولى عمر رضي الله عنه. فجمع الله عز وجل له بينهما حيث طعنه هذا الغلام الكافر في بلد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدرك الشهادة في سبيل الله، والموت في بلد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عمر رضي الله عنه يسأل عن قاتله:
أما لماذا يسال عمر عن قاتله فلأمرين:
أولهما: أنه ظن أن له ذنباً إلى الناس لا يعلمه, وأن الناس لذلك حنقوا عليه وتآمروا على قتله فدعا عبد الله بن عباس - وكان يحبه ويدنيه- فقال: أحب أن تعلم أعن ملإ من الناس كان هذا؟ فخرج ابن عباس لا يمر بملأ من الناس إلا وهم يبكون كأنما فقدوا أبكار أولادهم فيسألهم: أعن ملإ منكم كان هذا ؟ فيقولون: معاذ الله ما علمنا ولا أطَّلَعْناَ. فعاد ابن عباس فأخبر عمر. قال ابن عباس: فرأيت البشر في وجهه.
فها هو عمر وهو في عدله وفضله وحدبه- أي حنوه وعطفه- على الرعية ودأبه في شؤونهم ومع ذلك لم يعتقد فيه البراءة من العيوب والكمال المطلق، وإنما اتهم أول ما اتهم نفسه وخشي أن يكون أساء إلى المسلمين من غير أن يشعر حتى سعوا للتخلص منه وسبب آخر هو أنه كان يخشى أن يكون دمه في عنق أحد من المسلمين، فلما أخبره ابن عباس أن القاتل مجوسي قال الحمد لله الذي لم يجعل ميتتي بيد رجل يدعي الإسلام. فلما أصبح قال أرسلوا إلى طبيب ينظر إلى جرحي فلما دخل عليه الطبيب قال أي الشراب أحب إليك؟ قال: النبيذ -وهو ماء تنقع فيه تمرات, كانوا يصنعون ذلك لاستعذاب الماء-فدعا بنبيذ فسقاه إياه فخرج من جرحه من الطعنه التي تحت السُّرة، فاشتبه النبيذ بالدم فلم يدر أهو نبيذ أم دم؟ فقال: هذا صديد, ائتوني بلبن, فأتي بلبن فشربه فخرج من جرحه, فقال الطبيب: أوصِ يا أمير المؤمنين, فأني لا أظنك إلا ميتاً من يومك أو من غد. فقال عمر صَدَقَنِي، فلو قال غير ذلك لكذبته.
عمر رضي الله عنه على فراش الموت:
فشا الخبر في المدينة وارتجت له جنباتها وأصاب الناس ذهول الفاجعة فجعلوا يتواردون على دار أمير المؤمنين, ويدخلون عليه أرسالاً, ينظرون إلى الخليفة المثخن بجراحه يشهدون له، ويدعون ويبكون بين يديه. يدخل عليه شاب فيقول له(هنيئا لك الشهادة يا أمير المؤمنين صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم هاجرت، ثم جاهدت معه، وكان لك قدم صدق في الإسلام كما علمت، ثم جاهدت معه، وكان لك قدم صدق في الإسلام كما علمت, ثم الشهادة, فقال: تشهد لي بهذا يا ابن عباس؟ قال نعم قال الحمد لله.
هذه الشخصيات التي صنعها الإسلام رجل كل حياته في سبيل الله .وجاء في رواية البخاري, أما ما ذكرت من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضاه فإنه ذلك من الله جل ذكره منّ به علي, وأما ما ترى من جزعي فهو من أجلك وأجل أصحابك, والله لو أني لي طلاع الأرض ذهباً لافتديت به من عذاب الله عز وجل قبل أن أراه .
وقفه:
ولنا وقفة أخواتي في ذلك فالمسلم مهما قَدَّمَ من عمل خير أو عبادة, أو نفع للآخرين فلا يتعاظم في نفسه فلا بد من توازن جانب الرجاء والخوف لديه .ولذا قال الحسن البصري _ رحمه الله _ عن فعل عمر هذا: هكذا المؤمن جمع إحساناً وشفقه، والمنافق جمع إساءة وعزة ,والله ما وجدت إنساناً ازداد إحسانا إلا وجدته ازداد مخافة وشفقة. ثم يُدبر هذا الشاب من عند عمر رضي الله عنه فينظر إليه عمر فإذا ثوبه يمس الأرض . فيقول: عَليَّ بالغلام فيردونه عليه فيقول: (يابن أخي,ارفع إزارك ,فإنه أنقى لثوبك _ وفي رواية أنقى لثوبك _ وأتقى لربك).
ثم عمر رضي الله عنه في موقف صعب فهو جريح يعاني سكرات الموت بل وهو يواجه قضايا كبيرة في الواقع أهمها قضية الخلافة من بعده, وكيف يترك المسلمين؟هل يعهد إلى أحد؟ إلى من يعهد من الناس؟ ومع ذلك لا ينسى أمير المؤمنين رضي الله عنه في هذا الموقف أن ينبه رجلاً من المسلمين إلى خطأ وقع فيه, وهو أنه أسبل ثوبه , وينبه بالأسلوب اللين والحكمة والموعظة الحسنة قائلاً ( يا ابن أخي ارفع ثوبك )ويبين المزايا الدينية والدنيوية لهذا العمل فمن الناحية الدنيوية (أبقى لثوبك وأنقى) ومن الناحية الأخروية(هو أتقى لربك ). قال ابن مسعود _ رضي الله عنه _ يرحم الله عمر لم يمنعه ما كان فيه من قول الحق.وكانت رأسه على فخذ عبد الله بن عباس _ رضي الله عنهما _ فقال له عمر: الصق خدي بالأرض, قال: ابن عباس فوضعته على ساقي, فقال: ألصق خدي بالأرض فوضعته حتى وضع لحيته وخده بالأرض فقال: ويلك _عمر_ إن لم يغفر الله لك.
وقال له ابن عباس: جزاك الله خيرا أليس قد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعز بك الدين والمسلمين, إذ يخافون بمكة, فلما أسلمت كان إسلامك عزاً, وظهر بك الإسلام, وهاجرت فكانت هجرتك فتحاً, ثم لم تغب عن مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتال المشركين, ثم قُبض وهو عنك راضٍ, وآزرت الخليفة من بعده على منهاج النبي صلى الله عليه وسلم فضربت من أدبر بمن أقبل, ثم قُبض الخليفة وهو عنك راض, ثم وُلِّيتَ بخير ما ولي الناس: مَصَّرَ الله بك الأمصار وجَبَا بك الأموال ونَفَى بك العدو ثم خَتَم لك بالشهادة فهنيئاً لك, فقال عمر: والله إن المغرور من تغرونه, ثم قال: أتشهد لي يا عبدالله عند الله يوم القيامة, فقال: نعم, قال اللهم لك الحمد.
ثم دخل عليه الصحابة أرسالاً ثم أهل المدينة ثم أهل الشام ثم أهل العراق _ أي الذين كانوا بالمدينة منهم بعد موسم الحج _ وكلما دخل عليه قوم بكو وأثنوا. ثم جاءت ابنته حفصة _ رضي الله عنها _ ومعها النساء، فخرج الرجال, فجعلت تبكي عند أبيها وهي تقول ( يا صاحب رسول الله, يا صهر رسول الله, يا أمير المؤمنين) فينهرها عمر رضي الله عنه ويقول ( لا صبر لي على ما أسمع, أُحِّرجُ عليك بما لي عليك من الحق أن تندبيني بعد مجلسك هذا , أما عينك فلست أحبسها _ يعني أن البكاء لابد لها منه_ أما النياحة, والندبة وتعداد محاسنه, وما أشبه ذلك فإنه لا يرضاه.( قصه مقتل عمركاملة في صحيح البخاري) .
هموم الفاروق رضي الله عنه في آخر لحظات حياته:
فلننظر ما هي الأشياء التي كانت تشغل بال عمر رضي الله عنه في تلك اللحظة ؟ إقتصر منها على أمور هي:
1- الدَّيْن : فأمير المؤمنين مات وفي ذمته دين, أما مقدار الدين فثمانون ألفاً, فقال لابنه عبد الله: أقسمت عليك بحق الله إذا مت فدفنتني ألا تغسل رأسك حتى تبيع من رباع آل عمر بثمانين ألفاً فتضعها في بيت مال المسلمين. فإن وفي مال آل عمر فأده من أموالهم و إلا فسل في بني عدي بن كعب _ وهم البطن الذي هو منهم _ فإن لم تفِ أموالهم فسل في قريش _ وهم قبيلة_ ولا تعدهم إلى غيرهم فأدِّ عنِّي هذا المال .
أما سبب هذا الدين فقد سأله عنه عبد الرحمن بن عوف فقال عمر رضي الله عنه : أنفقتها في حجج وفي نوائب كانت تنوبني, قال العلماء: قد علم عمر أنه لا يلزمه غرامة ذلك إلا أنه أراد ألا يتعجل من عمله شيئاً في الدنيا, وأن يستوفي بذلك أجره وأن هذا منه مزيد تحوط وورع.فهذا حال عمر_ رضي الله عنه _ مع هذا الدين الذي عرفنا جهته .
وقفه
ولنا وقفه أخواتي مع هذا الخلق العظيم عند عمر وهو الأمانة حيث أنها ذات مفهوم واسع يقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة (... ثم يمر الناس على الصراط فيرسل الله تبارك وتعالى على جنبتي الصراط الأمانة والرحم فتقومان فكلما أراد أحد أن يجتاز الصراط تسأله الأمانة : أأديت ما عليك من حقي ) رواه مسلم ومن الأمانة أداء الحقوق إلى أصحابها يقول النبي صلى الله عليه وسلم Sadأد الأمانة إلى من أئتمنك ولا تخن من خانك) ولذلك رد النبي صلى الله عليه وسلم عند الهجرة الودائع إلى أصحابها بالرغم من أنهم أخذوا من المسلمين أموالهم ولم يقل هذه بتلك ,إن الحفاظ على الأمانات الكبيرة أمر سهل ولكن هناك أمانات منسية من كثرتها نسينا أنها أمانات, ولم نردها إلى الآخرين ,علماً بأنها لم تهدى إلينا فاحرصي على أداء هذه الأمانات المنسية فهي من الأمانة .
2- أين يدفن رضي الله عنه ؟ عاش أمير المؤمنين سنين طويلة في صحبة الرسول صلى الله عليه وسلم وصابر معه في مكة ثم المدينة, وخرج معه مغازيه كلها, وكان قلبه مع قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم في منتهى الصفاء والقرب, فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحبه, ويحب أبا بكر. فكان النبي صلى الله عليه وسلم حبيب عمر وصَفِيُّه, وكذلك كان أبو بكر, فخشى عمر أن يُفَرَّقُ بينهم في القبور؛ ولذلك قال لابنه عبد الله اذهب إلى عائشة فقل لها: يستأذن عليك عمر بن الخطاب ولا تقل لها: أمير المؤمنين, فأنني لست للمؤمنين اليوم بأمير- وهذا إشارة منه إلى عائشة أن سؤاله لها بطريق الطلب لا بطريق الأمر – وقل لها: يستأذن أن يدفن مع صاحبيه, فإن أَذِنَتْ , وإلا فادفنوني مع المسلمين. فذهب عبدالله بن عمر- رضي الله عنهما – إليها فسلم واستأذن ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي فقال يقرأ عليك عمر بن الخطاب السلام ويستأذن أن يُدْفَنُ مع صاحبيه, فقالت : كنت أريده لنفسي ولأوثرنه اليوم على نفسي فعاد ابن عمر , فلما أقبل قيل له : هذا عبدالله ابنك أقبل , فقال : ارفعوني فشدة الشوق في قلب عمر إلى أن يدفن إلى جوار صاحبيه جعلته يتطلع إلى هذا الخبر, حتى يقول : أسندوني – فيسندونه , فيقول لإبنه – متلهفاً -: ما لديك ؟ قال : أذنت فَسُرِّيَ عنه , وفرح أيما فرح حين سمع بأذن أم المؤمنين له أن يدفن إلى جوار صاحبيه, وقال الحمد لله ما كان من شيء أهم إليَّ من ذلك, فإذا أنا قضيتُ -أي متُ- فاحملوني, ثم سَلِّمْ فقل: يستأذن عمر بن الخطاب, فإن أَذِنَتْ فأدخلوني وإن رَّدتني ردوني إلى مقابر المسلمين؛ وذلك أنه يخشى أن تكون أذنت في حياته حياء منه ويمكن أن ترجع بعد موته, فأراد ألا يُكْرِهُهَا على ذلك فطلب أن يستأذنوه منها مره أخرى بعد موته رضي الله عنه .
إن ساعة الاحتضار ورؤية الموت ساعة تطيش فها العقول ويتشتت الفكر ويذهل فيها المرء عن كل ما حوله, ولكن تحمل عمر الأمانة واستشعاره للمسؤولية وهم الإسلام والمسلمين في نفسه كان أقوى من ذلك كله؛ ولذا كان في تدبيره حضور العقل وقوه النفس وحسن التصرف وصدق الفراسة رضي الله عنه وأرضاه .
3- وصيته : أوصى عمر من يلي أمر الأمة بعده وصية جامعه ومفصله, بليغة وواضحة, لو قالها في سعة وقته وفكره وقوة جسمه ووفور صحته لكانت عجباً, أما أن يقولها وهو في هذا الظرف العصيب والحال الشديدة فهذا الذي لا ينقضي منه العجب, قال رضي الله عنه: أوصى الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين أن يعرف لهم حقهم ويحفظ لهم حرمتهم, وأوصيه بالأنصار خيراً ,الذين تبؤوا الدار والإيمان من قبلهم أن يقبل من محسنهم وأن يعفو عن مسيئهم, وأوصيه بأهل الأمصار خيراً فأنهم رِدُء الإسلام-أي عون الإسلام- وجُبَاةُ المال-أي يجبي المال منهم- وغَيِظُ العدو-أي الذين يغيظون العدو بكثرتهم- وألا يؤخذ منهم إلا فضلهم عما رضاهم, وأوصيه بالأعراب خيراً فإنهم أصل العرب ومادة الإسلام, أن يؤخذ من حواشي أموالهم-أي التي ليست بخيار أموالهم- ويرد على فقرائهم, وأوصيه بذمه الله وذمه رسوله صلى الله عليه وسلم أن يوفي لهم عهدهم-أي أهل الذمه- وأن يقاتل من ورائهم-أي قصدهم عدو أن المسلمين يقاتلون عنهم ويحمونهم- ولا يُكَلَفُوا إلا طاقتهم. فقد أوصى المسلمين بخليفتهم فقال أحسنوا مؤازره من يلي أمركم وأعينوه وأدوا إليه الأمانة.
قال الحافظ ابن حجر قد استوفى عمر في وصيته جميع الطوائف؛ لأن الناس إما مسلم وإما كافر والكافر إما حربي ولا يوصى به وإما ذمي وقد ذكره والمسلم إما مهاجري وإما أنصاري أو غيرهما وكلهم إما بدوي وإما حضري وقد بين –رضي الله عنه عن الجميع_ إننا نرى في وصاة عمر رضي الله عنه النصح وصدق اللهجة وتحقيق الدين الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم " الدين النصيحة" وأن هم هذه الأمة يعيش معه في حياته وبعد موته؛ فرضي الله عنه وأرضاه .
ما قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الفاروق :
قال ابن عباس : وضع عمر على سريره فتكنفه الناس يدعون ويصلون, قبل أن يرفع, وأنا فيهم, فلم يَرُعني إلا رجل آخذ منكبي, فإذا علي بن أبي طالب, فترحم على عمر وقال: ما خلفت أحداً أحب إلىَّ أن ألقى الله بمثل عمله منك, وأيم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك وحسبت أني كنت كثيراً أسمع النبي r يقول: ذهبت أنا و أبو بكر وعمر, ودخلت أنا وأبو بكر وعمر وخرجت أنا وأبو بكر وعمر (صحيح البخاري) .
أثر مقتله على المسلمين :
كان هول الفاجعة عظيماً على المسلمين, فلم تكن الحادثة بعد مرض ألَّم بعمر, كما كان يزيد من هولها في المسجد وعمر يؤم الناس لصلاة الصبح, ومعرفة حال المسلمين بعد وقوع الحدث يطلعنا على أثر الحادث في نفوسهم, يقول عمرو بن ميمون:.. وكأن الناس لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ, ويذهب ابن عباس ليستطلع الخبر بعد مقتل عمر ليقول له: إنه ما مرّ بملأ إلا وهم يبكون وكأنهم فقدوا أبكار أولادهم ,لقد كان عمر  معلماً من معالم الهدى, وفارقا بين الحق والباطل فكان من الطبيعي أن يتأثر الناس لفقده, وهذا الأثر يوضح شدة تأثر الناس عليه .
وقفات تربوية من وفاة عمر رضي الله عنه:
1- شفقه عمر على المسلمين ونصيحته لهم.
2- بيان الانكسار والخشية والخوف الذي تميز به عمر رضي الله عنه ومما يدل على هذا الخوف الذي سيطر على قلب عمر  قبيل استشهاده قوله لما عَلِمَ أن الذي طعنه هو المجوسي أبو لؤلؤة: الحمد الله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعي الإسلام (البخاري) ,فإنه رغم العدل الذي اتصف به عمر , والذي اعترف به القاضي والداني, والعربي والعجمي, إلا أنه كان خائفاً أن يكون قد ظلم أحداً من المسلمين, فانتقم منه بقتله, فُيحاجَّه عند الله تعالى, كما تدل على ذلك رواية ابن شهاب: أن عمر قال: الحمد الله الذي لم يجعل قاتلي يحاجني عند الله بسجدة سجدها له قط ,وهذه عجيبة من عجائبه رضي الله عنه ينبغي أن نربي أنفسنـا عليها.
3-التواضع الكبير عند الفاروق والإيثار العظيم عند السيدة عائشة وقد دل عليه من قصة استشهاده قوله لابنه عبد الله: انطلق إلى عائشة أم المؤمنين, فقل :يقرأ عليك عمر السلام ولا تقل: أمير المؤمنين, فإني لست اليوم للمؤمنين أميراً (البخاري) ,ويدل عليه كذلك قوله لابنه لما أذنت عائشة بدفنه إلى جنب صاحبيه: فإذا أنا قضيت فاحملوني, ثم سلِّمْ, فقل: يستأذن عمر بن الخطاب, فإن أذنت لي فأدخلوني, وإن ردتني فردوني إلى مقابر المسلمين (البخاري) ,فرحم الله عمر  ورزقنا خُلُقاً من خُلُقه, وتواضعاً من تواضعه, وجزاه خير ما يجزي به الأتقياء المتواضعين, إن ربي قريب مجيب .
ومما يدل على الإيثار عند عائشة أنها رضي الله عنها كانت تتمنى أن تدفن بجوار زوجها r .وأبيها أبي بكر, فلما استأذنها عمر لذلك أذنت وآثرته على نفسها وقالت: كنت أريده لنفسي, ولأوثرنه اليوم على نفسي(البخاري) .
4- اهتمامه بأمر الدين أكثر من اهتمامه بأمر نفسه .
5- أن النهي عن المدح في الوجه مخصوص بما إذا كان غلوا مفرطاً أو كذباً ظاهراً ومن ثم لم ينه عمر الشاب عن مدحه مع كونه نهاه عن إسبال إزاره .
6- الوصية بأداء الديون والاهتمام بقضائها .
7- اهتمامه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو على فراش الموت .
8- إقامة السنة في تسوية الصفوف .
9- أن الإمام إذا نابه شيء في صلاته , قَدَّمَ من يتم للمأمومين صلاتهم .
10-مشروعيه التداوي والاستفادة من خبرات الأطباء وان هذا لا ينافي التوكل .
11-تسبيح الرجال في الصلاة إذا نابهم شيء؛ لفعل الصحابة لما فقدوا صوت عمر وجعلوا يقولون : سبحان الله سبحان الله .
12- تعظيم الرجاء في نفس المحتضر حتى يلقي الله – عز وجل- وحسن الظن به , ولهذا المعنى توارد ثناء الصحابة على عمر وهو في هذه الحال, وأن هذه ليس من الثناء المنهي عنه . ويؤخذ من ذلك فائدة وهي جواز الثناء على الرجل بما فيه إذا لم تُخْشَ عليه الفتنة كما هو الحال هنا مع عمر  ,إذ أُثني عليه من قبل بعض الصحابة لأنهم كانوا يعلمون أن الثناء عليه لا يفتنه .
13- جواز البكاء عند المصيبة إذا لم يصاحبه نياحه وتسخط .
14- فيه منقبة لابن عباس – رضي الله عنه – لتقريب عمر له على صغر سنه , واستشهاده له على نفسه .
15- تعظيم قدر الصلاة لأنها أول ما سأل عنه عمر عندما أفاق وقال : لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة .
16- أن الجريح والمريض يصلي على حسب حاله فقد صلى عمر وجرحه يثعب دماً .
17- في حال عمر مشهد عظيم من مشاهد الثبات عند الممات ,وقوه النفس ورباطه الجأش , وحسن التصرف في هذه الحال العصيبه !
وفاته : ثم توفي عمر –رضي الله عنه – بعد ثلاثٍ من اليوم الذي طعن فيه , وكانت وفاته يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة سنه ثلاث وعشرين وهو ابن ثلاث وستين سنه على الصحيح وكانت خلافته عشر سنين ونصفاً وغَسَّلَهُ ابنه عبد الله بالماء و السدر وكُفِّنَ في ثلاثة أثواب , كما صُنِعَ برسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم وضع على سريره فتكنفه الناس-أي أحاطوا به- يدعون ويصلون قبل أن يرفع .
وبوفاة أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب ودعت الأمة نوعا متميزا من الرجولة والقيادة في تاريخها. ودعت الأمة عمر الذي كان إسلامه عزاً وإمارته فتحاً.
الخاتمة:
هذا وقد طويت بوفاة الخليفة الراشد العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه صفحة من أنصع صفحات التاريخ وأنقاها فقد عرف فيه التاريخ رجلاً فذاً من نمط فريد ,كان همه انتصار الإسلام , وأعظم أمانيه سيادة الشريعة وأقصى غايته تحقيق الأمن والسلام , وقد حقق ذلك كله بعون الله عز وجل في تلك الفترة الوجيزة .
إن دراسة هذه السيرة العطرة تمد أبناء الجيل بالعزائم التي تعيد إلى الحياة روعة الأيام الجميلة الماضية , وبهجتها وبهائها, وترشد الأجيال إلى الاقتداء بذلك العصر الراشدي ومعرفة معالمه وصفاته ومنهجه في السير في دنيا الناس وذلك يساعد أبناء الإسلام على إعادة دورها الحضاري من جديد . فهذا هو عمر بن الخطاب مفخرة الناس, ومشيد الدول الاسلامية السامقة . وتلك ومضات من ذلك النور المشرق . والنجم المتوهج , رحم الله أبا حفص في الأولين ورضي الله عنه في الآخرين , وحشرنا في زمرته يوم الدين .
هذي مناقبه في عهد دولته للشاهدين وللأعقاب أحكيها
في كل واحدة منهن نابلة من الطبائع تغذو نفس واعيها
حتى ترى بعض ما شادت به أوائلها من الصروح وما عاناه بانيها
وختاماً .. فإننا ونحن نستعيد مواقف عمر رضي الله عنه لكما يقول الشاعر :
أعد ذكر نعمان لنا إن ذكره هو المسك ما كررته يتضّوع
إننا نعجب أشد العجب من هذه الحياة الدؤوبة المستمرة , وهذا الزخم من جلائل الأعمال يتدفق مع ساعات العمر ولحظات الحياة .
ولقد تمر بالواحدة منا لحظات خشوع وإيمان أو مواقف رائعة وإنجاز لكن العجب في أولئك أن حياتهم كلها وإلى منتهاها كانت إيماناً وانجازاَ .
فرضي الله عن أولئك الأصحاب وأرضاهم , وجعل في غرفات الجنان منقلبهم ومثواهم . اللهم ألحقنا بهم في الصالحين , واجعلنا بسيرتهم مقتدين , ولأثارهم مقتفين وعلى نهجهم سائرين , ومعهم يوم القيامة محشورين . اللهم اجعلنا ممن يجدد سيرتهم , ويحيي أثارهم . اللهم ارزقنا محبتهم واحشرنا في زمرتهم " ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين امنوا ربنا إنك رؤوف رحيم " .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين , و أصلي وأسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله و صحبه أجمعين .
Admin
Admin
Admin

عدد المساهمات : 556
تاريخ التسجيل : 23/08/2011

https://alcot.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة
» الله معي الله ناظري الله شاهدي
» قال الله تعالى اليوم أكملتُ لكم دينكم وأتممتُ عليكم نعمتي ورضيتُ لكم الإسلامَ دينا :وقال تعالى إنّ الدينَ عند اللهِ الإسلام :وقال تعالى ومَن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يُقبل منهُ وهو في الآخرةِ من الخاسرين
» علي بن أبي طالب
» بسم الله الرحمن الرحيم {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَ
» الدعوة إلى الله

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى